الجمعة، 8 أغسطس 2008

التبجـّح الملحوظ...وثقافة الشذوذ

صُعِقتُ وانا اتابع احدى القنوات الفضائيه الايطاليه المفتوحه (والرجاء عدم افتراض سوء النيه فقد قصدت بكلمه مفتوحه انها غير مشفره وليس هناك تلميح لشيئ اخر) اذ ان فكرة الفيلم الايطالى الذى كانت تعرضه اعطت لى الانطباع بان المجتمع الغربى يعيش فى كوكب اخر غير ذلك الذى نعيش نحن فيهقصه الفيلم (وهو كوميدى اجتماعى خفيف)بسيطه وتدور حول رجل أرمل يستعد لحضور حفل زواج ابنه الوحيد من صديقته التى ظلت تعاشره وتقيم معه فى شقتها دون زواج لمده اربع سنوات حتى تأكدا من حب كلاهما للاخر , ولكن عقدة الفيلم المحورية هى ان الاحداث تجرى فى قريه ايطاليه صغيره (متخلفة وضيقة الافق حسب تعبير بطل الفيلم) تقع قرب نابولى فى الجنوب الايطالى المحافظ المتدين و المتمسك بكاثوليكيته, ولذلك فان المشكله التى تواجه حفل الزواج وتدور احداث الفيلم عنها هى ان والد العريس الأرمل - و الذى نكتشف من سياق الأحداث أنه شاذ جنسياً - غير قادر على ان يحضر حفل الزواج مع "صديقه" الذى تربطه به علاقه عاطفيه دون التعرض لانتقاد هؤلاء البرابره القرويين المتدينين خاصه ان الرجل يصر على ان تكون الصوره الجماعيه التى تاخذ للعريسين تجمع بين والدى العروس وبينه هو و....صديقه




و فى واقع الأمر فإن مازاد الطين بله هو ذلك الاعلان الذى تخلل احد فواصل الفيلم الاعلانيه والذى كان عن احد كرنفالات الشوارع بمناسبه اليوم العالمى للشواذ جنسيا اذ ان الشعار الرسمى للكرنفال هو :أنا فخور!!!!!!!و لم لا يكون فخوراً؟؟ ألم يحطّم قيوداً يراها بالية من وجهة نظره المختلّة؟




وهنا تذكرت احد اصدقائى الاطباء الذى كان يعمل باحد دول الخليج والذى قص على مسامعى كيف اتهمته الممرضات الفلبينيات بانه غير متحضر عندما ابدى امتعاضه وعدم ارتياحه لوجود العديد من الممرضين الذكور الفلبينيين الشواذ جنسيا فى المستشفى التى كان يعمل بها حتى اننى احترت فى مفهوم التحرر المنسل من تحت عبائه التحضر الذى اعتنقته تلك الممرضات القادمات من احدى بلاد الشرق الاقصى التى تكفلت القواعد الامريكيه وجنودها به بان تجعله اميريكى الثقافه والمنظورثم امتدت يدى الى الريموت واغلقت التليفزيون لاسبح فى ظلام الغرفه الدامس وانا اتذكر منظر طفلتى مارادونا وهما يحملان ذيل فستان فرح امهما فى حفل زفافها على ابيهما وانا اتعجب كيف انقلبت الايه ليكون الانجاب سابقا للزواج دون استنكار المجتمع المحيط, وقهقهت وانا اتخيل وجود مصممى ازياء متخصصين فى حياكه فساتين زفاف الحوامل,ناهيك عن وجوب وجود مصممى ازياء متخصصين فى فساتين الزفاف الرجالى طالما ان الامور اصبحت فى الغرب (عادى ...نو بروبليم) وماذا يمنع ان يتم حفل زفاف رسمى بوثائق ومراسم وعقود (واى نوت...هيه مش فرى كانترى واللا ايه؟)


وحدّث ولاحرج عن المهازل الكوميديه التى قد تحدث اذا مانفصل جوز العصافير عن بعضهما وتم الطلاق وبدئت الجرجره فى محاكم الاحوال الشخصيه من اجل النفقه والمؤخر...... و بما أن الشيئ لزوم الشيئ , و حيث أن التسليع المسعور هو سمة و عماد المجتمعات الغربية , فسيظهر على السطح رجال قانون منتفعين ليعلنوا عن أن مكاتب محاماتهم متخصصة فى التعامل مع قضايا طلاق الشواذ جنسياً.



إن كل ذلك يجعلنى أتسائل : إلى أين ستأخذ تلك المفاهيم الغربية علاقة الزواج برمّتها فى المستقبل , إذ بهكذا منحنى مجنون لا أستبعد أن نرى زواجاً يجمع بين رجل و كلب أو بين إمرأة و منضدة تنس طاولة



و.... ظللت أسرح بفكرى وانا اتذكر كيف تلقى رونالد ريجان خبر وجود علاقه بين ابنه واحدى نجمات هوليود التى تكبره بخمسه عشر عاما قائلا:ريللى؟كنت اعتقد لفتره طويله انه شاذ جنسيا(يالله ياعم رونى حصل خير...حصل خير صحيح يعنى.... وربّنا يبشبش الطوبة اللى تحت ............... راسك ) واوشكت السيجاره التى اشعلتها (بدلا من ان اشعل النار فى نفسى) على الانتهاء وانا اتذكر اعلانات المقاهى والمراقص المخصصه للسحاقيات فقط فى اوروبا,وبطاقات التسجيل التى يوجد بها أحياناً خانه عن الحاله الجنسيه واذا ما كانت احاديه متماثله او احاديه طبيعيه او مالتى سيستسم على كل لون ياباطيسطا واهو الموجود يسد والجوده بالموجوده .والخلاصة هى أننى قد وصلت إلى قناعه وانا فى طريقى لغرفه نومى انه ربما كان لهذه المجتمعات مقاييس مختلفه للحريه الفرديه والتطور الاجتماعى والاولويات الاخلاقيه عننا نحن الشرقيين المتخلفين , والدليل على ذلك ان المجتمع الامريكى اعطانا الانطباع بانه كان من الممكن ان يسامح كلينتون على ممارسه شكل من اشكال الجنس مع مونيكا (فهى حريه شخصيه) ولكن هذا المجتمع ودستوره لايمكن ان يغفر خطيئه كبرى كأن يكذب كلينتون (يا للعار و الشنار ) ويقول انه لم يفعل شيئا, و.....مادام تحب بتنكر ليه ؟ وهنا حمدت الله على تخلفنا الحضارى نحن الشرقيين اذا كانت هذه هى مفاهيم التحضر والتحرر الجديده واستسلمت للنوم هانئ البال لاستيقظ على الفجر مفزوعا (خير اللهم اجعله خير) وانا اشهق لاهث الانفاس جاحظ العينين من هول الكابوس الذى رايت فيه العولمه والامركه والتغريب تهجم على الشرق فى حصان طرواده جديد وعصرى متقمصا شكل الانترنت وافلام هوليود وحفلات الروك لاجد اننى اقرا فى اخبار الحوادث عن قضيه الطاعه التى رفعها هريدى على عوضين فى محكمه جرجا للاحوال الشخصيه وقضيه نفقه المتعه التى رفعتها ساميه على فوقيه فى محكمه زنانيرى,واجد ان احد فناناتنا مستضافه فى احد البرامج التليفزيونيه لتنفى الشائعات بوجود اى مشاكل زوجيه نابعه عن غيره فنيه بينها وبين زوجتها الفنانه فلانه,ولكن ذروه الكابوس التى ايقظتنى من النوم على وشك مصافحه عزرائيل كانت عندما رايت فى منامى احدى خناقات الشباب الطاحنه فى نادى الشمس لأستفسر من احد المشاركين فى الخناقه عن سببها فاذا به يقول لى بتلقائيه :

"العادى ياشقيق....هيه خناقات الشباب على ايه غير على الصبيان؟!"
لأصحو من نومى فزعاً وانا ارى هذا الشاب يدلل على كلامه مشيرا الى الحائط الذى كانت تجرى الخناقه بجانبه ...فإذا بى أشاهد قلبا مشقوقا بسهم كيوبيد مرسوما على الحائط وإسم إيهاب مكتوبا فى أحد طرفيه بينما زيّن إسم هشام طرف السهم الاخر.

ليست هناك تعليقات: