الجمعة، 8 أغسطس 2008

تأملات ناشزة / عن "المجادلة" أتحدث


لا يخامرنى أدنى شك فى أن المجادلة هى أسوأ أشكال النقاش و أعقم صنوف الحوار , و ذلك لأنه فى غمار تلك المجادلة فإن الإنتصار للذات يأخذ المجادل فى دوّامة و يجعله يدور فى دوائر مفرغة يكتشف من يدور فيها بعد فترة أنه قد أصبح يجادل من أجل المجادلة فى حد ذاتها (و رغم إكتشافه لذلك فإنه لا يتمكن - أو فلنقل "لا يرغب"- فى كبح جماح شهوة الجدال لديه بعد أن يتحول الأمر إلى قضية إنتصار و اندحار للـ "أنا" و الذات).



ما يثير الإنتباه حقاً هو ما يخلّفه الإختلاف فى الرأى و تباين الفكر و تعارض المعتقد من تناحر و ما يولّده من مرارة و مشاعر سلبية بين المتجادلين , رغم أنه لو أدرك كل طرف أن الطائرة الورقيّة الزاهية الألوان لا تعلو و لا ترتفع مع إتجاه الريح و لكن فى عكس إتجاه الريح لأدرك أهمية و قيمة الإختلاف.


صحيح أن أى مجتمع متماثل و متجانس الفكر بالكلّية إنما هو مجتمع قليلاً جداً ما يفكّر من ينتمون إليه.... مجتمع راكد .... مترهّل... و مملّ , إلا أنه صحيح أيضاً أن أى مجتمع تتحكّم المجادلة من أجل المجادلة فى أسس الخلاف بالفكر فيه فإنه يصبح مجتمعاً قليلاً جداً ما يسمع من ينتمون إليه - رغم أنهم كثيراً جداً ما يتكلّمون.... أو بالأحرى...... يصرخون-.




إن الوسيلة الوحيدة التى يمكن للإنسان من خلالها أن يستبدل المجادلة بالنقاش فى تواصله مع الآخرين هو أن يحرص دائماً على أن يتجادل مع ذاته بدلاً من أن يخضع لحبروت نرجسيّتها عليه و يركع أمام إستبداد أنويّتها به.


ليست هناك تعليقات: