الجمعة، 8 أغسطس 2008

تأملات ناشزة / عن "الدماء" و"الدموع"أتحدث


الحروب...


عندما أتأملها فإننى أتأمّل كواليسها و هوامشها مثلما أتأمّل مسارحها , و أتأمّل ما قبلها و ما بعدها مثلما أتأمّل ما يجرى فى ساحاتها , و أتأمّل من تتعلّق قلوبهم و أفئدتهم بمن يخوضونها مثلما أتأمّل من يحاربونها.


كثيراً ما أستحضر صوراً ذهنيّة شتى عندما أتأمّل الحروب , فالحرب تعنى فى كثير من الأوقات بالنسبة عناق وداع طفل لأبيه على باب المنزل الذى يهم الأب بالخروج منه تاركاً خلفه علامة إستفهام و مشاعر ترقب واجلة عمّا إذا كان سيعاود الدخول من هذا الباب فى يوم من الأيام أم لا , و تعنى قبلة حانية يطبعها المحارب على جبين إبنته و هى نائمة حتى لا تراه و هو يغادر إلى مصيره المجهول , و تعنى نظرات الأصدقاء و الجيران و الأهل و المحبّين القلقة و المتسائلة عمّا إذا كانوا سيرون هذا المحيى ثانية أم لا , و تعنى يد أنثى مرتجفة و هى تلوّح بالوداع فى محطة قطار , و تعنى خفقان قلب أم و فلذة كبدها يقبّل يديها قبلة كم تتمنى ألا تكون الأخيرة , و تعنى شريط ذكريات السنين المار جيئة و ذهاباً فى عقل أب لا يعلم إن كان سيقدّر له أن ينعم بحصاد عمره و ثمرة أيّامه أم أنه سيختزله فى صورة للذكرى يخرجها من محفظته ليقلّبها بين يديه كلّما اشتاق لمن غاب.


.إن المشاعر و الآلام و المدامع و المعاناة و الإستوحاش التى تفيض بها كواليس الحروب لأشد وطئة على نفسى و أكثر مأساويّة فى كثير من الأحيان مما قد يشهده المرأ فى ساحات الوغى ذاتها , و بين دموع كواليس الحروب و دماء ساحاتها أظل أفكّر : إلى متى يظل ابن آدم فى اقتتال مع ابن آدم ؟ و إلى متى يظل فيضان الدم...و الدمع ؟



ليست هناك تعليقات: