الجمعة، 8 أغسطس 2008

تأملات ناشزة / عن همجية أربطة العنق و الياقات البيضاء أتحدث


أصبحت نشرات الأخبار مصدراً مستمراً لاشمئزازى من قسوة و همجيّة و بربريّة الإنسان.


لا أستطيع تخيّل كيف يمكن للإنسان أن يتجرّد من إنسانيّته ليقتل و يبطش و ينكّل بالإنسان إلى هذا الحد - بل و يتلذذ و يفخر بإراقة دماء الإنسان بدم بارد -.


البعض يتحدّث عن همجيّة و بربريّة الجماعات و الميليشيات و العصابات المسلّحة التى ترفع شعار الأصوليّة..... و معهم فى ذلك كل الحق.... إذ لا يعقل ألا يوصف أحد بأنه إنسان غاب همجى عندما يتم السحل و الذبح و تقطيع الرؤوس و دهس الجثث و التمثيل بها بهذا الشكل الوحشى مع الإفتخار بتلك الأفاعيل بتسجيلها على كاميرات الهواتف النقالة و أشرطة الفيديو.


و لكن...

ما الفرق بين تلك الهمجيّة البربريّة و همجيّة و بربريّة الإف 16 و الآباتشى و البى 25 و نظم حروب الأتارى المبرمجة و الموجهة بالأقمار الصناعية؟


ما الفرق بينها و بين تلك الهمجيّة و البربريّة التى تسرف فى القتل و التنكيل و البطش و تقطيع الرؤوس من خلال محاكم صوريّة يجلس فيها القضاة على المنصات و فى جعبتهم أحكامهم المعدة سلفاً و التى تمعن فى إراقة الدماء و الإطاحة بالرؤوس فرادى و جماعات؟


لا فارق....

الفارق الوحيد هو أن الحالة الأولى هى حالة همجيّة بربريّة ترتدى أثمال إنسان الغاب الذى يسرف و يمعن فى القتل و البطش و التنكيل بأدواته البدائيّة أو حتى بيديه العاريتين , فيما الحالة الثانية هى حالة همجيّة بربريّة ترتدى البذلة الكاملة مع أربطة عنق و ببيونات على ياقات بيضاء منشاة يتم من خلالها تمرير ذات السلوك الهمجى البربرى بقرارات يتم إعلانها من خلال النظارات الـ"هاف موون" مع ديكورات حضاريّة قشريّة زائفة لا ترعى للإنسانيّة أى إعتبارات فتمعن فى سفك دم المرأة الضعيفة و الطفل البريئ و الشيخ القعيد ..... بل و تقوم بتحضرها الزائف بتمرير و تبرير تلك الجرائم و تعبيد الطريق إليها مع علامات حضارية زائفة لم يعد يبقى إلا أن نرى منها علامات مرورية تنظم حركة السير فى الـ"هاى واى" المؤدّى إلى المقاصل و المشانق و مقار المقابر الجماعية.



ليست هناك تعليقات: