الجمعة، 8 أغسطس 2008

النكرات المشاهير...و وجوه كالحة من النوع المألوف

شخصيّات غريبة تلك التى تطاردنى وجوه أصحابها عبر شاشة التليفزيون فى الرائحة و الغادية و أنا أتسائل لسنوات و سنوات :


ميييين دوووووول؟!



الوجوه من النوع المألوف , و السحنات كالحة من الطراز الكاريكاتورى , و الملامح فور أن تراها تعرف أصحابها و لكن الأسماء و الحيثيّات تظل غامضة ضبابيّة مبهمة – بل قل مجهولة - , فإذا بك أمام نكرات و لكن – و يا للعجب - ............... مشاهير!!!!



الأنكى من ذلك أنك إن كنت تشاهد التلفاز مع أحد الأهل أو الأصدقاء و انبرى أحد أولئك المجاهيل المشاهير للكامير بغتةً ليحشر نفسه فى الكادر و يتوسّط الشاشة و يغشاها , فإنك عندما تسأل جليسك عمّن تكون تلك الشخصيّة الكاريكاتوريّة فإن الإجابة التى تحصل عليها على الدوام تكون :

الحقيقة مش عارف إسمه....بس ده مشهور و معروف يا راجل طيّب...بيشتغل إيه؟

أو


الحقيقة مش عارف....بس هوة مشهور طيّب...بيتكسّب من إيه؟ بيعمل إيه فى دنيته؟ إيه حيثيّته؟ إيه وضعه فى الدنيا؟

أو


الحقيقة مش عارف....بس هوة مشهور من الآخر....ميييييييين ده؟!!!

أو


الحقيقة مش عارف....بس هوة مشهور




لعلّ المثال الكلاسيكى لشخصيّة النكرة المشهور ذات الملامح الكاريكاتوريّة هو رجل أصلع نحيف – و لكن بكرش !!! - قبيح الوجه يعطى لك الإنطباع بأنه من حاملى شهادات معاملة الأطفال ..... هذا الرجل أراه على شاشة التليفزيون منذ أن وعيت على مباريات كرة القدم..... و قد كانت بدايات ظهوره فى مشهد المحروسة الإعلامى فى مباريات الكرة لفريق نادى المقاولون العرب باستاد الجبل الأخضر فى نهاية الثمانينيات و مطلع التسعينيات , حيث كان يرفع عقيرته و يقوم بالتجعير فى أحد الميكروفونات و هو ينخع : جباااااااااااااار ....... و رغم ثقل ظلّه الشديد و هيئته الرثة و ملامحه المريبة إلا أن إلتفاف بعض من يغشى المدرّجات حوله و التصفيق و التهليل له و هو يقوم بفواصل "تهبيله" المنفردة قد جذبت مخرجى مباريات كرة القدم لتسليط الكاميرات على البقعة التى يقوم فيها بأداء "سولو" التجعير الخاص به..... و مما لا شك فيه أن إدارة نادى المقاولون العرب قد تلقفته بالرعاية و العناية و الإحتفاء من باب إنه "عامل حسّ" لفريق النادى الذى لا جماهير و لا شعبيّة له بحكم أنه من أندية الشركات , فإذا بتلك الشخصية تنتقل بقدرة قادر من مدارج الدرجة الثالثة الخرسانيّة إلى فوتيهات الدرجة الأولى الممتازة الجلديّة!!!



المهم أنه بعد عدة سنوات قام الرجل بنقلة نوعيّة فى مسار حياته – و هو مسار لا أعلم إذا كان من الصحيح وصفه بالمهنى أم لا - , فقد قرر الرجل دخول عالم الجماهيرية الحقيقى , فإذا به يجمع بين ظهوره فى مدارج استاد المقاولون العرب و بين ظهوره فى مدارج ستاد القاهرة فى مباريات الأهلى...... و شيئاً فشيئاً إستغنى عن الميكروفون و عن حاجته إلى التجعير بــ"جباااااار" و بدأت هيئته الرثة فى التحسن بالتدريج - حتى أصبحت مقبولة على مضض - , و رويداً رويداً أصبح وجه الرجل من النوع المألوف الذى تبحث عنه عيناك فى مدرجات الدرجة الأولى الممتازة فى مباريات الأهلى – بل و مباريات المنتخب القومى - .



الغريب فى الأمر أن الرجل دائم التواجد فى الدرجة الأولى الممتازة رغم أن هيئته تؤكّد أن "كبيره" النط من فوق سور الدرجة الثالثة...... إلا أن الأغرب حقاً هو أننى إكتشفت أن الرجل مكافح و عصامى فى عالم "السنكحة" و أنه كان دائم البحث عن الشهرة من قبل تفتق قريحته عن تلك الـ"جبااااااار" عبر الميكروفون , فقد إكتشفت فى نهاية المطاف أنه هو ذلك الشخص الذى كنت أتسائل منذ طفولتى عنه و أسأل والدى :

مين المطرب حسن فهمى ده يا بابا؟!!


حتى إكتشفت أن سيادته كان يعيش فى وهم الموهبة و أنه كان من الممكن أن يكون مطرباً فكان يذهب إلى مباريات الكرة ثم ينتقى مكان خال خلف المرمى و يقوم بفرد لافتة "كستور" عملاقة مكتوب عليها : المطرب حسن فهمى من أجل الترويج لنفسه (و أتذكّر أننى رأيت مرة لافتة لَطَعَ فيها بجانب الإسم صورة من المفترض أنها له رغم أن عمليّات التجميل التى أجراها الرسّام فى الصورة تكفى لإدخال الرجل السجن بتهمة التزوير فى خِلَق رسميّة).


الأنكى من ذلك أنه لو كان الأمر قد توقف عند هذا الحد لكان الوضع مفهوماً...و لكن أن تتطوّر الأمور لنجد كاميرات و ميكروفونات الإذاعة و التليفزيون تجرى مع هذه الشخصية النكرة "المشهورة" اللقاءات بعد المباريات لتأخذ منه الأحاديث , فهذا ما يثير التعجّب الذى لا يتضائل أمامه سوى التعجّب الأعظم عندما يصفع مشهد الرجل عيناك و كاميرات تغطية مهرجان القاهرة السينمائى تقوم بتصويره و إجراء الأحاديث معه و هو يرتدى "بذلة" كاملة يتشاجر لونها مع لون القميص و يتعارك مع لون الكرافتة فى باليتة متنافرة الألوان... فهذا هو ما لا يصدّقه عقل...... أما القشة التى قصمت ظهر البعير و جعلتنى مصمماً على كتابة هذا المقال , فهى تقرير برنامج القاهرة اليوم المصوّر على شبكة أوربت فى نقل مشاهد دفن الراحلة "سامية الأتربى" حيث فوجئت بأن هذا الشخص النكرة المشهور فى طليعة المعزين – بل كان أحد رافعى النعش - !!!!!



السؤال الذى يدفعنى إلى الجنون هو :


مييييييييين ده؟


و بيشتغل إيه؟


و بيعمل إيه فى حياته ليتكسّب رزقه؟


و كيف أفلح فى أن يدخل فى كل هذه "السكك" المليئة بالكاميرات و الأضواء ما بين الإستادات و الصالات المغطاة و دور السينما و قاعات المهرجانات و أحواش القرافات ؟!!! و كيف أفلح فى إقتحام شاشات المشاهدين عنوةً و إقتداراً ليصبح مشهوراً حتى و هو لا يعدو كونه نكرة؟!!!!




أما النموذج الثانى للمجاهيل المشاهير فقد أطل على العبد لله من شاشة التليفزيون عبر القمر الصناعى من أديس أبابا بهيئته الأزهريّة و بالجبّة و القفطان و هو يعزف على العود المستند على "كرشه" فى أحد مدارج إستاد العاصمة الأثيوبيّة الرئيسى فى مباراة كأس السوبر الأفريقى.



ذلك الرجل المجهول الإسم و الهويّة و الحيثيّة و الوظيفة – بل و المجهول فى كل شيئ و إن كان أشهر من نار على علم كوجه كاريكاتورى مألوف من مقتحمى الشاشات - ....ذلك الرجل الذى تراه يعزف على العود فى مدرجات إستادات القاهرة و دبى و أمستردام و أتلانتا و باريس و طوكيو و بوينوس آيريس و سيدنى – حتى عندما لا يكون هناك فريق مصرى مشارك بالبطولة من الأساس - ...ذلك الرجل أريد أن أعرف : من هو؟ و كيف يتكسّب رزقه؟ و ما هى وظيفته؟ و من ذا الذى يتكفل بمصاريف إنتقالاته و إقامته و نفقاته الشخصية و تذاكر طائراته و مصروف جيبه؟ و لماذا؟ و هل هى مهنة أن يكون مشهوراً نكرة و معروفاً مجهولاً - بل و ملقباً بـ"فاكهة المدرجات"؟!!




يا جماعة الخير دلـّونى:



ميييييييييييييين دوووووووووووووول؟!!!

ليست هناك تعليقات: