الجمعة، 8 أغسطس 2008

تأملات ناشزة / عن "ذواتنا" أتحدث


عندما نسمح للزمن بأن يفسد ذكرانا, و عندما نترك الحياة تدفعنا كى نصطفى من ذاكرتنا الطويلة الأجل مقاطع هامشيّة (هى المغلوطة والمشوّشة والفاسدة) لتعشش على الدوام فى ذاكرتنا القصيرة الأجل الجاهزة دائما للاستحضار فى وقت الأزمات.... فإننا نكون بصدد مشكلة كبيرة مع ذواتنا.


و عندما لا ندرك تأثير تآكل الذكرى المفيدة وهجرها فإن إدراك ذواتنا يصبح مهترئا ومليئا بالثغرات.


و عندما لا نع تشوّه إدراك ذواتنا لحقائق الأمور فإننا لا يمكننا تدارك الأمر و القفز فوق المشكلة ببعض الرقع المزوّقة كتلك الرقع الــ"إيكو-سنترية" التى نستخدمها لإرضاء ذواتنا وإبراء ذممنا وإلقاء اللائمة على غيرنا (حتى ولو كانوا يستحقّون اللوم ).



و عندما نحرّف -لاشعوريّا- قرائتنا للأحداث و أحكامنا على البشر فإن شهادات ذواتنا أمام أنفسنا تفسد... فتسقط.



.إن أكثر ما نحتاج إليه - كبشر- هو أن نجاهد إستبداد أنفسنا بنا و خداع ذواتنا لنا.. أى أننا ببساطة شديدة نحتاج إلى النضال ضد ذواتنا,وهو مالن يتحقّق إلاّ بتحليل ذواتنا وتصحيحها ونقدها باستمرار.


نحن بحاجة بالفعل إلى البحث عن الحقيقة داخلنا باذلين فى سبيل ذلك أكبر جهد ممكن لتحديد الصدق إنطلاقا ممّا يحتمل الصدق مبدئيّا, و إنطلاقا من نقد شهادات أنفسنا حول أوضاعنا ومن شهادات الآخرين عن ذواتنا (دون أن ننسى وجوب إسقاط و إنتقاد كل نقد ينقدنا من أجل أن ينقدنا وليس من أجل أن يعالج إدراكنا الفاسد ويصحّح مسيرتنا - إذ أن النقد المغالى فيه هو الآخر يجب أن يُنتَقَد فى ظل توخّى الحرص على ألاّ يؤدّى نقد النقد المغالى فيه لذواتنا إلى تدنّى الثقة فى نقدنا لأنفسنا وفى التفكّر فى نقد الآخرين لنا بصورة عامّة- ).



إن علينا أن نفعّل نقدنا الذاتى لأنفسنا و نخاصم جلدنا لذواتنا , وعلينا أن نفكّر فى نقد الآخرين لنا قدر تفكّرنا فى غرض الآخرين من نقدنا , و علينا أن نتعلم كيف نرتاب فى أنفسنا ونثق فيها فى الوقت نفسه.



.إن علينا أن نتصالح مع ذواتنا دون أن نقع فى فخ التواطؤ معها ضد أنفسنا , كما أن علينا أيضاً أن ننقد ذواتنا دون أن نخاصمها و دون أن نصمّ آذاننا عنها و نعطيها ظهورنا.



ليست هناك تعليقات: