الجمعة، 8 أغسطس 2008

ميدو مشاكل

لطالما كانت رؤيتى للقضاة رؤية تسبغ الكثير من التوقير و الإحترام عليهم , و لطالما كان منصب وزير العدل يمثل بالنسبة لى منصباً متفرّداً و يحظى فى تقديرى بمرتبة أعلى و أسمى من مناصب كافة الوزراء الآخرين, إلا أن المستشار ممدوح مرعى وزير العدل الحالى قد أطاح بكل هذا و نجح فى تشويه تلك الصورة و أفلح فى التردّى بتلك المرتبة داخلى.



لقد إعتاد ممدوح مرعى منذ أن تولَّى مقاليد الوزارة إثارة المشاكل والأزمات مع القضاة وغيرهم، كما أنه إستمرئ ترديد الإهانات المتكررة لكلِّ من يخالفه في الرأى.


كيف لا؟

و الرجل يسلك مسلكاً لا يليق بوقار و حكمة و نبل القضاة و إنما يسلك مسلكاً سوقياً مبتذلاً و كأنه يتماهى مع الغوغاء و الدهماء.


لقد تطاول ممدوح مرعى على رئيس نادي القضاة واصفاً إيّاه ه بأنه يبكي مثل "أمينة رزق", ثم أهان قضاة مصر عندما تطاول عليهم مدّعياً بأن 90% من قضاة الوطن لا يصلحون.


لقد دأب ممدوح مرعى على افتعال الخصومات وخلط الأوراق و التطاول على الرائح و الغادى بأسلوب مبتذل و رخيص مما جعله يحظى بالنصيب الأكبر من الدعاوى القضائية المرفوعة ضد وزراء الحزب الحاكم.


المثير للإشمئزاز و الباعث على الأسى هو أن الرجل بدلاً من أن يعود إلى جادة الصواب و يثوب إلى رشده و يكف ّ عن هذا المستوى المتدنـّى من الخطاب المتردِّي الذى لا ينبغى أن يكون لائقاً بقاض قبل أن يكون لائقاً بوزير للعدل , فإنه ظهر و كأنه عازمٌ على تجاوز أعلى سقف من الإبتذال و على مواصلة الهبوط بمستوى مفرداته و لغة خطابه و كأنه يتلذذ بالتمرّغ فى الوحل الذى سقط فيه.



لقد تحوّل من يفترض أن يكون كبيراً لقضاة الوطن - والذين يفترض أن يكونوا هم من يمثلون ضمير الأمّة و حائط الصد فى وجه أى إختراقات للنخبة الحاكمة- إلى مجرّد دمية و "عروسة ماريونيت" يتم توجيهها عن بعد و بالريموت كونترول ليكون ممثلاً - و حسب- لسياسات النخبة الحاكمة و خائضاً لمعاركها بالوكالة ممتطياً صهوة منصبه و متبختراً بحقيبته الوزاريّة و مشهراً سيف أزماته وافتعالاته الكثيرة التي يثيرها و ينفِّذها ضمن برنامج موضوع له من قِبل النخبة الحاكمة فى وجه كل من لا يسبّح بحمد تلك النخبة الفاسدة و المتربّحة.



.إن ممدوح مرعى ليس سوى أحد التجليّات - و ما أكثرها فى المرحلة الراهنة-للممارسة الاستبدادية للنظام الحاكم حتى أصبحت مشاكله وأزماته تنبع من تجاوبه الكامل و التام مع النظام الذي أذلّ و قهر وأهان و أفقر هذا الشعب, و حتى أصبح الرجل وزيراً مختصاً بإثارة الأزمات بما يمكنه من إثبات أنه أداة ناجعة و طيّعة فى يدّ أسياده الذين أتوا به إلى كرسى الوزارة (و فى واقع الأمر فإننى لا أرى ما هو غريب أو عجيب فى أن تأتى النخبة المتسلّطة بوزير على هذا القدر من الشراسة حتى تكتمل أركان الإرهاب و الإستبداد و التخويف و الإقصاء فى هذه المنظومة البوليسيّة المقيتة).



اللافت للإنتباه هو أننا إذا كان من الممكن أن نفهم - و ليس أن نتفهّم..أو نقبل- جنوح النظام إلى إهانة و تخويف و معاداة كل من يدافع عن الحقوق وينادي بالحريات والإستقلال و يجاهد من أجل تطهير الوطن من الفساد، فإننا لا يمكننا بأى حال من الأحوال أن نفهم...أو أن نتفهّم..أو أن نقبل أن يكون الإتيان بهذه الممارسات من جانب من يفترض ألا تسمح له هيبته كقاضٍ - قبل أن يكون وزيرًا- بتبنـّى هذا الأسلوب السوقى و بانتهاج هذا المسلك المنفلت فى الخطاب و المفردات و الألفاظ حتى انتهى الأمر بالرجل إلى الإنفلات و التجاوز بالإشارات (و لا زالت حادثة إصبع ممدوح مرعى الشهيرة بمجلس الشعب شاخصة فى الأذهان).


لقد أصبح ممدوح مرعى رمزاً لمرحلة تشهد الكثير من السوقية و الإبتذال و التدنى و الإنحطاط ليس فقط على مستوى السلوكيات بالمجمل و إنما أيضاً على مستوى الممارسة السياسيّة تحت قبة البرلمان الذى أصبح يشهد - و بانتظام- جولات حامية الوطيس من التلاسن و التشابك بالأيدى و رفع الأحذية والحركات المشينة و الغير لائقة بالأيدى و الأصابع.


لقد أتى هذا الرجل لا ليكون وزيراً للعدل و إنما ليكون بطلاً فى آخر أفلام هذه النخبة الحاكمة :






ليست هناك تعليقات: