الجمعة، 18 أبريل 2008

فسادكو

أشهد الله أن هذه الحكومة عبقرية (وأنا أعنى هذا ولا أسخر ).
فإذا كانت المشكله التى تواجه أى نخبة حاكمة فاسدة مليئة بالمرتشين والقومسيونجية والمشهّلاتية والهبّيشة والهبّيرة هى عيون الشعب المفنجلة , فقد اتبعت حكومتنا العبقرية أسلوباً تكتيكياً فائق الخبث والدهاء - بل و العبقريّة- و قد كان ذلك عندما أيقنت نخبتنا الحاكمة أنه لايفل الحديد إلا الحديد ,و أنه إذا كان العائق أمامها فى أن تعيث فساداً وتنهب المحروسة هو عيون الشعب المفنجلة فالحل الأمثل لتلك المعضلة لن يكون أفضل من كسر هذه العين حتى لاتتبجح وتتهم الحكومه بالفساد .
لقد كانت إشاره البدء لتنفيذ هذا التكتيك عندما قال السيد الرئيس مامعناه "وأنا اعمل لكم ايه يعنى؟ كل واحد يصرّف أموره ويحاول يعيش" (وذلك فى معرض الحديث عن الأزمه الاقتصادية الخانقة الممسكة بتلابيب الشعب المصرى بأحد المقابلات الصحفية منذ حوالى 8 سنوات) و فى واقع الأمر فقد كان ذلك تلميحاً شبه صريح بأن الحكومه ستغض الطرف عن مظاهر الفساد الصغيرة.
وباستخدام هذا التكتيك إستطاعت النخبة الحاكمة فى ظرف سنوات قليلة أن تحوّل الشعب المصرى إلى جمهرة من الفاسدين من أجل أن يجدوا قوت يومهم.....فعسكرى المرور الذى يصطادك بقلمه ودفتره زوراً وبهتاناً صبح فاسداً عندما اعتاد على هبش البريزة مقابل إلغاء المخالفة,وموظف الحكومة أصبح فاسداً عندما استمرئ حبس إستماراتك و معاملاتك الحكومية فى أدراج مكتبه كرهينة لايطلق سراحها إلا بعد أن تدفع له ثمن الشاى والسجاير,ومهندس الحى أصبح فاسداً عندما أصبح روتين حياته هو: هات المعلوم وخذ التصريح , والمدرس أصبح فاسداً عندما أُجْبِرَ لكى يعيش على الطلسقه فى المدرسه واضطهاد الطلبه الذين لاياخذون دروساً خصوصية عنده لإجبارهم على ذلك,والساعى أصبح فاسداً لارغامه الجميع على دفع الاكرامية له للإفراج عن الدمغة التى احتكر سوقها فى دائرته الحكومية,والشيّال فى المطار أصبح فاسداً عندما مدّ يده للمسافر فى الخفاء ليلتقط الورقة أم عشرين التى يقتسمها فيما بعد مع الموظف المحترم أبو كرافتة الجالس على الكاونتر متظاهراً بأنه لم ينتبه إلى أن المسافر سيصعد الطائرة و معه معه ستين كيلو زياده,و....و.....و....الخ نعم..... لقد صدّرت نخبتنا الحاكمة الفساد للشعب حتى أصبح عنوان برنامجها للشعب:
"ياعزيزى كلنا لصوص"
و بالطبع...فإنه...لا يهم هنا واقع الأمر الذى يقول أن فساد الشعب إنما هو فقط من أجل لقمة العيش والبيجامة الكستور و جزمة المدرسة للعيال , إذ أن الرد الجاهز من جانب النخبة الحاكمة إن تبجح أحد من الشعب واتهمها بالفساد سيكون و بمنتهى البساطة و التلقائية هو:
لست وحدى الفاسد فأنت أيضاً كذلك
فيا شعبى الفاسد ...
لا تعايرنى ولا أعايرك
الفساد طايلنى وطايلك
فكلّنا لصوص يا عزيزى
و ....
تعلن فسادكو (شركة مصرية حكومية شعبية مساهمة /ش.م.ح.ش.م) عن طرح المزيد من الأسهم لأبناء المحروسة....
فاغتنموا الفرصة

ليست هناك تعليقات: