الجمعة، 8 أغسطس 2008

صباعين..و حــتـــّة


و القادم أفضل


رجلٌ...و الرجالُ قليلُ


و على عينك يا تاجر


أزهى عصور الديموقراطية





طبـّع طبـّع يا عم الحاج


ميدو مشاكل

لطالما كانت رؤيتى للقضاة رؤية تسبغ الكثير من التوقير و الإحترام عليهم , و لطالما كان منصب وزير العدل يمثل بالنسبة لى منصباً متفرّداً و يحظى فى تقديرى بمرتبة أعلى و أسمى من مناصب كافة الوزراء الآخرين, إلا أن المستشار ممدوح مرعى وزير العدل الحالى قد أطاح بكل هذا و نجح فى تشويه تلك الصورة و أفلح فى التردّى بتلك المرتبة داخلى.



لقد إعتاد ممدوح مرعى منذ أن تولَّى مقاليد الوزارة إثارة المشاكل والأزمات مع القضاة وغيرهم، كما أنه إستمرئ ترديد الإهانات المتكررة لكلِّ من يخالفه في الرأى.


كيف لا؟

و الرجل يسلك مسلكاً لا يليق بوقار و حكمة و نبل القضاة و إنما يسلك مسلكاً سوقياً مبتذلاً و كأنه يتماهى مع الغوغاء و الدهماء.


لقد تطاول ممدوح مرعى على رئيس نادي القضاة واصفاً إيّاه ه بأنه يبكي مثل "أمينة رزق", ثم أهان قضاة مصر عندما تطاول عليهم مدّعياً بأن 90% من قضاة الوطن لا يصلحون.


لقد دأب ممدوح مرعى على افتعال الخصومات وخلط الأوراق و التطاول على الرائح و الغادى بأسلوب مبتذل و رخيص مما جعله يحظى بالنصيب الأكبر من الدعاوى القضائية المرفوعة ضد وزراء الحزب الحاكم.


المثير للإشمئزاز و الباعث على الأسى هو أن الرجل بدلاً من أن يعود إلى جادة الصواب و يثوب إلى رشده و يكف ّ عن هذا المستوى المتدنـّى من الخطاب المتردِّي الذى لا ينبغى أن يكون لائقاً بقاض قبل أن يكون لائقاً بوزير للعدل , فإنه ظهر و كأنه عازمٌ على تجاوز أعلى سقف من الإبتذال و على مواصلة الهبوط بمستوى مفرداته و لغة خطابه و كأنه يتلذذ بالتمرّغ فى الوحل الذى سقط فيه.



لقد تحوّل من يفترض أن يكون كبيراً لقضاة الوطن - والذين يفترض أن يكونوا هم من يمثلون ضمير الأمّة و حائط الصد فى وجه أى إختراقات للنخبة الحاكمة- إلى مجرّد دمية و "عروسة ماريونيت" يتم توجيهها عن بعد و بالريموت كونترول ليكون ممثلاً - و حسب- لسياسات النخبة الحاكمة و خائضاً لمعاركها بالوكالة ممتطياً صهوة منصبه و متبختراً بحقيبته الوزاريّة و مشهراً سيف أزماته وافتعالاته الكثيرة التي يثيرها و ينفِّذها ضمن برنامج موضوع له من قِبل النخبة الحاكمة فى وجه كل من لا يسبّح بحمد تلك النخبة الفاسدة و المتربّحة.



.إن ممدوح مرعى ليس سوى أحد التجليّات - و ما أكثرها فى المرحلة الراهنة-للممارسة الاستبدادية للنظام الحاكم حتى أصبحت مشاكله وأزماته تنبع من تجاوبه الكامل و التام مع النظام الذي أذلّ و قهر وأهان و أفقر هذا الشعب, و حتى أصبح الرجل وزيراً مختصاً بإثارة الأزمات بما يمكنه من إثبات أنه أداة ناجعة و طيّعة فى يدّ أسياده الذين أتوا به إلى كرسى الوزارة (و فى واقع الأمر فإننى لا أرى ما هو غريب أو عجيب فى أن تأتى النخبة المتسلّطة بوزير على هذا القدر من الشراسة حتى تكتمل أركان الإرهاب و الإستبداد و التخويف و الإقصاء فى هذه المنظومة البوليسيّة المقيتة).



اللافت للإنتباه هو أننا إذا كان من الممكن أن نفهم - و ليس أن نتفهّم..أو نقبل- جنوح النظام إلى إهانة و تخويف و معاداة كل من يدافع عن الحقوق وينادي بالحريات والإستقلال و يجاهد من أجل تطهير الوطن من الفساد، فإننا لا يمكننا بأى حال من الأحوال أن نفهم...أو أن نتفهّم..أو أن نقبل أن يكون الإتيان بهذه الممارسات من جانب من يفترض ألا تسمح له هيبته كقاضٍ - قبل أن يكون وزيرًا- بتبنـّى هذا الأسلوب السوقى و بانتهاج هذا المسلك المنفلت فى الخطاب و المفردات و الألفاظ حتى انتهى الأمر بالرجل إلى الإنفلات و التجاوز بالإشارات (و لا زالت حادثة إصبع ممدوح مرعى الشهيرة بمجلس الشعب شاخصة فى الأذهان).


لقد أصبح ممدوح مرعى رمزاً لمرحلة تشهد الكثير من السوقية و الإبتذال و التدنى و الإنحطاط ليس فقط على مستوى السلوكيات بالمجمل و إنما أيضاً على مستوى الممارسة السياسيّة تحت قبة البرلمان الذى أصبح يشهد - و بانتظام- جولات حامية الوطيس من التلاسن و التشابك بالأيدى و رفع الأحذية والحركات المشينة و الغير لائقة بالأيدى و الأصابع.


لقد أتى هذا الرجل لا ليكون وزيراً للعدل و إنما ليكون بطلاً فى آخر أفلام هذه النخبة الحاكمة :






المحروسة فيديو كليب تقدّم : كليب "ماشربتش من نيلها"؟





ما شربتش من نيلها؟




طب جربت تغنيلها؟؟



جربت فى عز ما تحزن تمشى فى شوارعها و تشكيلها؟




ما مشيتش فى ضواحيها؟





طيب...ماكبرتش فيها؟؟









ولا ليك صورة ع الرمل دامت ع الشط بمعانيها؟؟






دوّر جواك تلقاها




هى الصحبة


و هى الأهل



عشرة بلدى بتبقى نسيانها ع البال مش سهل






يمكن "ناسى" لإنك فيها


مش واحشاك و لا غبت عليها
بس اللى مجرب و فارقها قال فى الدنيا ما فيش بعديها





"غالية" بلدنا علينا






و مدام بنحب بلدنا تبقى ها تتغير بإيدنا



إحنا اللى نعليها








بإيدينا نخليهاأجمل لينا و "لولادنا" مهما العمر يعدى عليها

الشعب المكتوف....و حكومات الوجه المكشوف

الشعب المصرى شعب غلبان أدمن المشقه وشظف العيش ,وتآلف قلبه على الرضاء بالقليل -إن وُجِدَ - والقناعه بالفتات إن ألقيت له من فوق موائد أسياد البلد , و هو شعب إعتاد على تحمل ظلم من يسوق مقدراته , ولم يكلّ من الصبر على جور من يحكمه وهو مكتوف الأيدى محبوس الدمعة مكتوم الآهات منذ أيام أسر الفراعنة مرورا ً بتكيات المماليك وصلف الشراكسة وتكبّر الأتراك العثمانيين وتجبّر وتوحّش القطط السمان والحيتان التى نهشته مع إستشراء الفساد وحلول عصر الإنفتاح و إنبلاج فجر الخصخصة التى باعت هذا الشعب لغيلان وتايكونات وعبدة المال فألقت بأولاده فى الشارع وطردتهم من وظائفهم بتعويضات بخسة وفتحت عليهم نار الغلاء والتضخم والفقر والعوز والحاجة حتى اضحى جسد هذا الشعب المطحون مسجى على شريط قطار الحياة وقد إهترئ من كثرة مرور عجلات الفقر المسعورة لقطارات نخبه الحاكمة المتعاقبة عليه والتى تفننت فى التمثيل بجسده الممزق بينما الشعب المسكين لايملك سوى الدعاء إلى الله أن "يحنـّن" قلب سائق القطار عليه وأن يرحمه من جوقة العطشجية الذين إحترفوا التعتيم علي خط سير القطار وهم يطمئنونه أن كل شيئ تمام وفى السليم بينما يهيلون الفحم فى مستوقد القطار المتجه أساسًا بأقصى سرعة نحو حافة الهاوية.
ولعل السؤال الذى يشغل بال هذا الشعب المنكوب هو : هل هناك تار بايت بينه وبين نخبه الحاكمة؟!!!
السؤال - إن جيتم للحق- منطقى , إذ كلّما تأقلم الشعب على مصيبة أو زنقة جديدة حتى وجد أخرى تليها, وكلما خرج من مطب وقع فى دحديرة , وكلما أفاق من صفعة حتى عوجل بلكمة , وهو فى كل هذا طيب أليف صبور مهاود حسن النية و يناجى ربه متسائلا فى برائة :ياربى هيه الدنيا ملطشه معايا كده ليه؟
لقد تأقلم هذا الشعب المنكود على ضريبة المبيعات و ضريبة التركات و اشتعال الأسعار و انهيار الجنيه الذى اقترب من الخروج من تصنيف الجنيهات المحترم الى فئة الليرة الكحيانة , بل و لا أبالغ حين أقول أنه قد تم الإعلان عن وفاته إكلينيكياً منذ عدة سنوات.
لقد تعايش الشعب المصرى مع واقع توحّش الدولار أمام الجنيه ليظل أسداً عليه حتى عندما يكون نعامة أمام كافة العملات الأخرى , و ظل هذا الشعب حياً يرزق مع هوجة الخصخصة , و تعود على الغلاء فغرق فى محاولاته اليائسة لتوفير قوت اليوم ولبس العيال, و استسلم للكساد , وترك نفسه لعبة بين أيدى ملوك المال الذين أصبح لهم صنـّاع قرارات و توصيات ملاّكى تحت قبّة المجلس الموقر لتفصيل القوانين اللى بالك بالك.
إذن.....
فما المانع أن تستمر المهانة؟!!!
لقد قالوا لنا من ايام جدى ان الرخاء قادم وان حالة البلد الاقتصاديه تشبه برميل العسل الذى تعلوه طبقه من الزفت يجب علينا ان نلعقها ونتجرعها اولا قبل التمتع بالعسل ولكن يبدو أن العسل والزفت قد تم فصلهما كل فى برميل منفصل , بحيث تم حجز براميل العسل للناس اللى بالك بالك , بينما كانت براميل الزفت الخالص من نصيب الشعب المطحون.
لقد أصبحت المشكلة فيما يبدو فى الشعب المستعذب لأن يكون مكتوفاً أكثر من كونها فى نخب حاكمة لا تستحى من أن يكون وجهها مكشوفاً.

إنفلونزا الطيور..... و حكومات الكوكو واوا


رغم أن ظهور فيروس إنفلونزا الطيور على المسرح العالمى قد دخل عامه الثالث منذ أن تم الإعلان رسميّاً عن رصد أوّل حالاته فى أحد مزارع الدواجن بالشرق الأقصى , و رغم ثورة المعلومات و فورة تقنيات الإتصالات التى جعلت مصطلح القرية الصغيرة هو الوصف الأدق لكوكبنا بعد أن أصبحت المعلومة تنتقل عبر أرجائه من أقصاها إلى أدناها فى كسر من الثانية , فإن بعض جمهوريّات البطّيخ (و هى النسخة المنقحة من جمهوريّات الموز) لا تزال مصرّة فيما يبدو على التشبّث بتراثها المتمثل فى الإعتماد على الحمام الزاجل المصاب بالكساح و لين العظام فى إستقبال المعلومات .



و يبدو أن بعض رؤساء جمهوريّات البطيّخ قد أدلوا فى بعض الأوقات بتصريحات لا تنطلى حتى على الأطفال من أجل تبرير تقاعسهم و إهمالهم و تخاذلهم فى الإضطلاع بالأمانات و المسئوليات التى أولوها و أوكلوها هم لأنفسهم من غير مناسبة و بدون ولا إحم ولا "دستور" نيابةً عن شعوبهم التى لم تخترهم بالمقام الأول.


و إذا كانت تلك التصريحات تفترض البلاهة فى المتلقى فإنها تنم عن حالة "زهايمر" سياسية ميئوس منها مع إستفحال لأمراض الإدارة و التخطيط المزمنة و التى لا شفاء منها (كذلك التصريح الألمعى الذى إستيقظ فيه رئيس أحد جمهوريّات البطّيخ ليكتشف على حين غرّة أن سبب مستنقع وحل الفقر و التردّى و الجهل و التهميش و الإنهيار و السقوط الذى ضرب فيه بوطنه "غطس" إلى الأعماق ليس فى واقع الأمر منظومة شبكة الفساد المؤلّفة من الهبّيشة و النهّيبة و المنتفعين و المتسلّقين و مصّاصى الدماء و آكلى المال الحرام و ملتهمى أكباد أبناء الشعب المتبّلة بالسحت و الرشاوى و العمولات و المحسوبيّات , و أن السبب ليس هو تلك الشبكة التى أخذت تتنامى و تتعاظم فى كنف رئيس جمهوريّة البطيخ تلك حتى أصبحت ككرة الجليد التى تتعاظم و هى تتحدّر بسرعة الصاروخ من أعلى قمّة جبل شاهق فى طريقها نزولاً لتطبق على سكّان الوادى فتسحقهم سحقاً......و إنما كان السبب فى كل ذلك هو أن فخامته – يزهزه عصره و يطوّل عمره و ينصره على مين يعاديه – قد إكتشف بعد عشرات السنين له فى سدّة الحكم أن زيادة عدد السكّان هو السبب و كأنه لم يكن يعلم عندما قفز بقدرة قادر إلى الكرسى تعداد سكّان بلده و تقديرات تزايدها خلال الخمسين عام المنظورة له فى سدّة الحكم أو حتى ينفذ أمر الله – أيّهما أقرب - ).



و عودة إلى إنفلونزا الطيور....

فبعد ثلاثة أعوام كاملة , إستيقظت ذات يوم من الأيام النخبة الحاكمة لأحد جمهوريّات البطّيخ من سباتها العميق الذى تخللته غمغمات مهلوسة أثناء التقلّب فى الفراش (من عيّنة "لا يوجد لدينا إنفلونزا طيور") لتكتشف و تكشف عن بؤر لإنفلونزا الطيور فى عديد من مناطقها المتفرّقة.


و خلال ثلاثة أعوام كاملة من النوم العميق إنفصلت فيها نخبة جمهورية البطّيخ الحاكمة عن العالم الخارجى دون أى تفكير أو تخطيط أو إعداد مسبق و منظّم للتعامل مع إنفلونزا الطيور وقائياً و إجراءياً و إدراياً و سياسياً و إقتصادياً و إجتماعياً و غذائياَ و صحياً و أمنياً.......إستيقظت حكومة جمهورية البطّيخ ذات يوم من سباتها لتخرج بقرارات عنتريّة جذريّة يصعب التعامل معها على أرض الواقع الذى كان بإمكان تلك النخب الحاكمة العمل رويداً رويداً على تغييره للأفضل و معالجة سلبيّاته خلال ثلاثة أعوام كاملة بدلاً من تلك الهرجلة و الفوضى و حالة الإرتباك التى تشوب تصرّفاتها و قراراتها بعد أن إستيقظت "إذ فجأةً"– ولم لا؟!ا...أليست تلك النخب من ذلك النوع الذى يستيقظ بعد عقود طويلة من الدكتاتورية القمعية و الحكم الشمولى لتكتشف بصورة دراميّة مفاجئة أن الإصلاح ضرورة ملحّة و أن الديموقراطية حتميّة تاريخيّة فإذا بتلك النخب الحاكمة تنبرى تحت قبب برلمانتها لتعدّل و تفصّل و تصيغ التعديلات الممسوخة فى دساتيرها ثم تطرحها للإستفتاء فى غضون أسابيع معدودة و بأسلوب سلق البيض -بل و تجرى إنتخابات رئاسيّة أيضاً فوق البيعة - .


و هكذا.....

إستيقظت جمهوريّة البطّيخ ذات يوم لتكتشف أن حكومتها السنيّة قد قرّرت بين عشيّة و ضحاها قرارات لا خلاف على أنها ربّما تكون مطلوبة أو ذات فائدة , و لكنها كانت تحتاج من تلك الحكومات لعمل على مدار سنوات حتى يكون أرض الواقع ممهداً لتنفيذها عمليّاً دون عوائق أو مصائب أو مشاكل أو مآسى شعبويّة (إذ لا يعقل أن تقوم الحكومة الألمعيّة بإبلاغ تلك المرأة التى تقوم بحل معضلة أمن أسرتها الغذائى بجوز الفراخ التى تقوم بتربيتهم فوق سطوح بيتها أنها لم يعد مسموحاً لها بذلك دون النظر إلى الضغط الإقتصادى الرهيب الذى يدفعها لذلك و الذى لم تقم تلك الحكومة بفعل شيئ تجاه تخفيفه, و لا يعقل أن يتم إبلاغ الفرارجية بصورة مباغتة أن عليهم إنهاء و تصفية أعمالهم و إغلاق محالهم دون أى تخطيط مسبق يحتسب لتلك الخطوة و يعد لها إعداداً تخطيطياً و إدارياً سليماً حتى لا يتم – و بجرّة قلم - إغلاق عشرات الآلاف من محال الدواجن الحيّة و تسريح مئات الألوف من العاملين فى ذلك القطاع فى بلد يئن تحت وطئة البطالة من الأساس (و كأنه اللى ييجى فى الريش بقشيش).... و هو ما جعل صرخة "يا عمّال العالم ..إتحدوا" تتحوّل إلى "يا فرارجية جمهوريّة البطيخ .... إتحدوا" فخرجوا فى مظاهرات عارمة إحتجاجاً على تلك القرارات التى يقول بعض الخبثاء أن تايكونات و أباطرة و هوامير إستيراد الدجاج المجمّد و أصحاب الثلاّجات و مخازن التجميد و التبريد كان لهم يد فى صياغتها و تحريكها و إعلانها من خلال النخبة الحاكمة التى دخلت معهم فى صهارة منذ أن جمعتهم شبكة الفساد تحت سقف "سبّوبة" واحدة .



و الواقع أن نخب جمهوريّات البطّيخ الحاكمة تتمتع بخفة دم متناهية و روح دعابة لا يمكن مجاراتها , فهاهو ذلك المسئول الكبير يخرج بتصريح يدعو فيه شعبه إلى التوجّه نحو اللحوم بدلاً من الدجاج , و ربّما كانت فكرة ذلك التصريح قد لمعت فى تلافيف مخّه عندما كان يجلس فى الشرفة مع زوجته فقالت له و هى تشير إلى جموع الفرارجيّة الغاضبة التى تتظاهر فى الشوارع : همّه مالهم دول؟.....فقال لها : بيتظاهروا علشان حنقفل محلاّت الفرارجيّة .......فما كان منها إلا أن إستشفت فى زوجها ملامح "لويسيّة" فتقمّصتها حالة "مارى أنطوانيتيّة" لتقول له : طيب...ما بياكلوش لحمة ليه؟!! "



صناعة الدواجن فى جمهورية البطيخ تحتاج إلى التحديث و التطوير و إلى ثورة شاملة.....نعم......لا شك و لا إختلاف على ذلك......و لكن.....أين التخطيط و الإعداد و توقع و إستشفاف الأزمات من أجل إدارتها بصورة وقائية بدلاً من التخبّط العشوائى فى القرارات الإرتجاليّة تحت ضغط المفاجئة (و هى مفاجئة تشبّهنى بتلك السنيورة التى ظلّت "ماشية" مع الواد بتاعها طوال أيّام الثانوى و الجامعة و لكنه عندما يقرر الزواج منها فإنها تتصنّع البلاهة و تستحضر الذهول قائلة له : "أصلك..........فاجئتنى" ).


أيها السادة....

إن جمهوريّات البطيخ كيانات فريدة تحتار عند النظر إليها أو عند محاولة فهم كيف تديرها نخبها الحاكمة , و فى المجمل فإنه من الممكن أن نقول – على هامش "مفاجئة" إنفلونزا الطيور التى باغتت تلك النخب الحاكمة و كأنها تفشت بين عشية و ضحاها بــ"كبسة زرّ" – أن تلك النخب الحاكمة التى لم تفكّر فى واقع و مستقبل صناعة الدواجن بها إنما فعلت ذلك لأن مخزونها الداجنى لا ينضب فى ظل قيامها بتدجين شعوبها التى يستمتع كل فرد فيها بأن يكون مواطن "قفص" , حتى إستحقت شعوب جمهوريات البطيخ حكومات الــ"كوكو واوا" الجاثمة على أنفاسها و التى جعلت من تدجين شعوبها....."عُرفاً" (و لم لا......أوليست شعوب لا "ديوك" فيها؟ ).


و كما قال الشاعر اللى مش فاكر إسمه :

يا فرخة كانت مالية الدنيا عليّا .....و إستكترتها حكومتى عليّا

قفزة الثقة..و نطـّة البطـّة الشقيّة

عندما كنت طفلاً لم أتخيّل نفسى - ولو لمرة واحدة- ضابطاً فى الشرطة أو الجيش حين كنت أطلق العنان لخيالى ليسبح فى لجج تأملات الأطفال الشاخصة فى عفويّة إلى المستقبل المنظور, و لا أتذكّر أننى رددت - ولو لمرّة واحدة- على تساؤلات أصدقاء والدى و صديقات والدتى - الإعتياديّة الروتينيّة المكررة- من عيّنة "وإنت بقى يا كتكوت نفسك تبقى إيه" بقولى أننى أرغب فى دخول كلية الشرطة أو الكلية الحربيّة , كما أذكر جيّداً أننى كنت طفلاً لا يتحمّس للتصوير ببذلة الضابط أو لعب العسكر و الحراميّة و الألعاب الحربيّة بمختلف صنوفها.
لماذا؟!
ليس فقط لأننى كنت بطبيعتى طفلاً مسالماً و مائلاً للهدوء و مفضلاً للمطالعة و الأنشطة التى يغلب عليها طابع الدعة و السكينة (كالموسيقى و الرسم و التلوين) , بل - و هذا هو الأهم و لا أدرى إن كان هو ما ولّد داخلى تلك الطبيعة المسالمة - لأننى كنت طفلاً نحيلاً من نوعيّة الأطفال الذين ما أن ينظر إليهم أقرانهم أقوياء البنية حتى يطمعون فيهم و يرون فيهم فرصتهم السانحة للبلطجة و الإستقواء عليهم.
لقد كانت الصورة الذهنية التى يرسمها الطفل بتلقائيّة عن ضابط الشرطة أو الجيش من حيث السمات البدنيّة و الجسديّة التى تمتاز بالقوة هى التى قد كبحت على الأرجح جماح خيالى فى طفولتى فجعلته لا يحلّق فى سماء إستشراف المستقبل و هو يومض ببذلة ضابط شرطة أو يبرق ببذلة ضابط الجيش.
صحيح أننى عندما أصبحت فى طور المراهقة و عندما أصبحت فى المرحلة الثانوية كنت قد أصبحت أتمتع ببنية عضليّة قويّة و قوام رياضى فارع , و صحيح أننى أصبحت فى تلك الفترة أمارس رياضات عنيفة تكون الغلبة فيها للإلتحام البدنى -ككرة القدم- أو للتحمّل العضلى - كالسباحة - , إلا أن ما ترسـّخ فى وجدانى منذ طفولتى جعلنى أستمر فى العزوف عن التفكير فى دخول كلّية الشرطة أو الكلية الحربية , فاكتفيت بتتبع أخبار زملاء الدراسة الذين كنت أجتمع بهم ليحكوا لى عن كيف جرت إختبارات قبولهم بكلية الشرطة و الكلية الحربية و كيف قاموا بأداء قفزة الثقة و كيف جرت الإختبارات الطبية و البدنيّة فى ظل منافسة شرسة مع جحافل من الشباب "البغال" المتفجّرين بالحيوية و العنفوان و الذين لا يملكون من رأسمال يمكنهم من القفز فوق مجاميعهم "الكحيانة" سوى......... الصحّة.
و اليوم...حدثت المفاجئة التى أدهشتنى.فأثناء تقليبى فى بعض الصحف إذا بى أمام خبر يقول أن أكثر من ستين بالمائة من طلبة الثانوية العامة الذين تقدّموا للإختبارات الخاصة بالإلتحاق بكلية الشرطة و الكلية الحربيّة قد رسبوا فى الإختبارات الطبية و البدنية نتيجة إصابتهم بـ"كوكتيل" متنوع من الأمراض ما بين تقوّس الظهر وهشاشة العظام و فقر الدم و الربو و هزال البنية!!!
إن ما وصل إليه مستوى الكفاءة الصحية و الجاهزية البدنية للأجيال الصاعدة فى مصر ليس سوى نتاج للترعرع فى دولة نخر الفساد فى عظامها فتسوّست أبدان أهلها بكل ما هو مسمم و مسرطن و مكربن فى المأكل و المشرب - بل و فى الأنفاس الداخلة إلى و الخارجة من تلك الأبدان - حتى أصبح أكثر من نصف شبابها "مسوّسين" وغير لائقين بدنياً أو صحياً للإلتحاق بكليات الشرطة و الكليات الحربية.
.إن النخبة الحاكمة ستظل هى المسئولة أمام الله و التاريخ عمّا آلت إليه صحّة شعب المحروسة و عمّا آلت إليه أبدان المصريين التى تم تسويتها على نار الفساد الهادئة التى استباحت كل شيئ و أى شيئ فى سبيل الإثراء عن طريق الإتجار بأبناء هذا الشعب, و حتى أكون واقعياً فإننى لا أعلّق الكثير من الآمال على قيام هذه النخبة بالتعاطى بشرف و أمانة و وطنية مع ما ولّد حالة صحية و بدنية متردّية لشباب مصر , و لعل كل ما أأمل فيه هو أن يتم التعامل بمرونة مع هذه المعطيات بحيث يتم التسهيل على راغبى الإلتحاق بكليات الشرطة و الكليات الحربية لتتوافق إختبارات القبول مع حالتهم الصحية و قدراتهم البدنية بحيث يتم إستبدال قفزة الثقة بـ"نطّة البطّة الشقيّة".

المرزبـّة



يذكّرنى السيناريو السخيف و المتكرّر لهروب رموز الفساد بما نهبوه من المحروسة قبل صدور القرارات الصورية لمنعهم من السفر بلعبة الأستغمّاية التى يمكنك أن ترى فيها النخبة الحاكمة و هى تنادى على أحد التايكونات : خلاويييييص؟!! فيرد عليها : لسسسسسه.
**********************
ترى....هل إقترب اليوم الذى ستظهر فيه فتوى من وحى الواقع المعاش بخصوص أنه يمكن للمرء الإفطار فى رمضان إن كان على سفر أو واقف فى طابور العيش ؟ .
*********************
إذا صدقت الشائعات التى تهمس بأن الحكومة تخطط لرفع أسعار المواصلات العامة من أتوبيسات و مترو أنفاق و مينى باص و ميكرو باص (لم تدخل خطوط "توك توك"حكومية إلى الخدمة بعد) , فإن فى تلك الشائعات ما يؤكّد أن تلك الزيادة و التى ستشكل عبئاً إضافياً على شعب منسحق بالأساس ستكون بمثابة ما يشعر ذلك الشعب بأنه "مركوب" حتى و هو "راكب".
************************
من أكثر الصفات نبلاً و الأخلاقيّات رسوخاً فى نخبنا الحاكمة أنها دائمة الإلتزام و التشبّث بفضيلة الإعتراف بالخطأ , و لذلك تقوم هذه النخب بالتخلّص سريعاً ممن يضمّونهم إلى نخبهم ثم يتضح لاحقاً أنهم......شرفاء.
***********************
روح الفريق من أهم عوامل النجاح ..... و هى بلا شك الروح التى تتمتع بها شبكة الفساد فى المحروسة مما جعلها تنجح فى أن تكون بهذه المتانة و الرسوخ.
************************
على هامش الخبر الغريب الذى ورد فيه أن أمن الدولة أجبرت 45 تلميذاً بالصف الأول الإعدادى على العودة من مصيف مرسي مطروح مكبّلين بالقيود الحديدية دون مبرّر واضح لهذا التصرّف الشاذ , فإن بعض الخبثاء يخمّنون أن أمن الدولة......بتاع عيال.
************************
على هامش ما يتردد الآن من إحتمال إعفاء نظيف من رئاسة الوزراء فى منتصف سبتمبر القادم مع تواتر بعض التسريبات التى ترجّح خلافة جودت "الملط" له , فإن بعض الخبثاء يشيعون أن إختيار "الملط" - لو حدث - سيكون الأكثر تماشياً مع حالة رجل الشارع.
**************************
ما أقدمت عليه مجموعة الحركة المالية الدولية لمراقبة غسيل الأموال (FATF) بإدراج مصر ضمن القائمة السوداء للدول التي لم تتعاون مع المجتمع الدولي في مجال مكافحة "غسيل" الأموال لم يكن شيئاً مستغرباً أو مفاجئاً خاصة و أنه من المعلوم أن رئيس وزراء مصر هو الدكتور "نظيف" الذى يعتبره الكثيرون "إيريال".
***************************
يحكى أن أحد الحكّام الجاثمين على أنفاس شعوبهم لعقود طويلة من الزمان إفتتح مؤتمراً عالمياً لعلوم الفلك فى بلده , و عندما قال المحاضر أن العالم على وشك الفناء خلال سبعة بلايين عام سأله ذلك الحاكم : "إنت بتقول 7 بلايين والا 7 ملايين؟"....فلما قال له المحاضر أنها 7 بلايين إرتسمت علامات الرضا على وجه الحاكم قائلاً : آآآآآه....قول كدة....خضيتنى يا شيخ.
****************************
الإرتفاع الجنونى فى أسعار اللحوم و الفشل الذريع لمشروع البتلـّو يشير إلى وجود "بقر" فى الحكومة.
****************************
رفض محمد أبو العينين تمويل المؤتمر العام الرابع للحزب الوطنى الذى إقترب موعده إحتجاجاً منه على عدم مكافأته بمنصب وزارى يوضح أن شعار النخبة الحاكمة فى المحروسة هو :
تدّيهوملى نيللى نيللى أرجّعهوملك شيريهان شيريهان
******************************
فى ظل الظروف المعيشية الطاحنة للسواد الأعظم من الشعب فإننى أقترح أن تتغيّر صيحة "المنحة يا ريّس" الشهيرة التى تطلقها حناجر من يحضرون خطاب عيد العمّال لتصبح "المحنة يا ريّس".
*****************************
إقدام الحكومة فى مطلع هذا الأسبوع على قطع التيار الكهربائي عن منازل الكثير من المواطنين وتحريك دعاوى قضائية ضدهم بسبب امتناعهم عن سداد فاتورة النظافة وتهديد الممتنعين عن السداد بالحبس (رغم أن العقد بين المستهلك وشركات الكهرباء يشترط سداد قيمة إستهلاك الكهرباء فقط ولا ينص على قطع الكهرباء لحساب الغير ... و رغم إلزام الحكومة للمواطنين بدفع فاتورة النظافة في الوقت الذي لم تقدم فيه خدمة مقابلها) .... كل ذلك يعيد إلى السطح قضيّة إضافة رسوم النظافة على فاتورة الكهرباء التى صنـفها البعض على أنها "إستهبال" و صنفها البعض الآخر على أنها إيمان من الحكومة بالمثال القائل بأن "الزبالة كنز لا يفنى" .... و سواء كان التصنيف الأوّل هو الأصحّ أم الثانى فإننى و فى ظل إضافة رسوم النظافة على فاتورة الكهرباء لا أملك سوى أن أنصح كل أم أن تحذر أطفالها من العبث بـ"صفيحة الزبالة" حتى لا تصعقهم الكهرباء.
*******************************
على هامش التهافت على تملـّق و منافقة رئيس الدولة من جانب حملة الأقلام الصحفيّة , فإننى لن أستغرب إذا ما وجدت "سرايا" و قد أكلته نار الغيرة من "ممتاز" بعد قيام الأخير بإثارة موضوع فى جريدة أخبار اليوم عن قيام الرئيس بسداد جمارك على صندوق بلح مهدى له من أحد أمراء السعودية , و لا أستبعد أن نفتح الأهرام فنجد "سرايا" و قد نشر موضوع فى صدر الصفحة الأولى عن رفض وزير الكهرباء لتظلّم رئيس الدولة من قيمة فاتورة الكهرباء الخاصة بمنزله بعد قيامه بشراء تكييف (بالقسط), و ذلك لعدم وضع السيد الرئيس لورقة الدمغة و طابع الشرطة على الطلب الذى "حاول" السيد الرئيس تقديمه لوزير الكهرباء أثناء أحد إجتماعات مجلس الوزراء.
********************************
يبدو لى أن هناك خطأ مطبعى قد وقعت فيه وسائل الإعلام المقروءة عند قيامها بنشر خبر قانون الإعلام المرئى و المسموع الذى عكف عليه السيد الوزير أنس الفقى مؤخراً, إذ نشرت الصحف أن السيد الوزير عاكف على مشروع قانون الــ"بث" المرئى و المسموع بينما يتضح من الخطوط العريضة للقانون أنه قانون الـ"بس".
*******************************
كلّما تأمّلت أحوال المحروسة كلّما إزددت إيماناً بمدى خصوصيّة نظام حكمها و مدى نجاح نخبتها الحاكمة فى إحداث النقلات النوعيّة التاريخيّة المجتمعيّة المفصليّة و الحاسمة , إذ بعد أن مهّدت الطغمة الحاكمة لنفسها الطريق بعمل نقلة نوعيّة لمفهوم الفساد من فساد الطبقات صاحبة القرار لمفهوم فساد المجتمع بأكمله, فقد تحوّلت - منذ أكثر من عقد - من حالة "فساد الإدارة" إلى حالة "إدارة الفساد" .
*****************************
فى ظل أزمة الخبز الطاحنة التى سمّمت أبدان الشعب المصرى و جعلت "الطابور" جزءاً لا يتجزء من حياته اليومية , و على هامش الصدامات و المشاجرات الدمويّة بين المتنافسين على الخبز أمام الأفران بما أفرز لنا ظاهرة عرفت بإسم "حرب الخبز" أفرزت بدورها "شهداء الخبز" , فإنه يبدو أننا على وشك الولوج إلى الحقبة التاريخية التى بدلاً من أن تسمع فيها فى سرادقات العزاء التساؤل الإعتيادى : "هوّة المرحوم كان عنده إيه؟" فإنك ستسمع التساؤل الجديد : "هوّة المرحوم كان واقف فى طابور أنهى فرن؟"..... و بدلاً من تساؤل الحاضرين فى العزاء :"هوة المرحوم كان عنده كام سنة؟" فإنهم سيتسائلون:"هوة المرحوم كان بيجيب كام رغيف؟".
إذا كان الأديب و الشاعر الروسى الكبير "تشيكوف" قد قال أن الرجال المحترمين قد يخجلون أحياناً من كلابهم المدلّلة إذا ما أقدموا على الإتيان بأفعال مخجلة أمامها , فإننا فى المحروسة قد أصبحنا بصدد رجال لا يملكون الحياء و الإحترام الكافيين لكى يخجلوا من شعبهم على ما يقدمون على الإتيان به من أفعالهم المخجلة تجاهه.
**************
عندما يصل سعر كيلو السمك الصدمان العدمان إلى السعر الذى يجعل رب أسرة من أسر سواد الشعب المطحون غير مستعد لطرح فكرة "غدوة سمك" لأسرته للنقاش من الأساس , و عندما يكون ذلك هو الحال فى بلد يحدها البحر الأحمر بطول سواحلها الشرقية بالكامل, و يحدّها البحر المتوسط بطول سواحلها الشمالية بالكامل , و يشقها نهر النيل الذى هو أحد اكبر أنهار العالم بطولها من شمالها إلى جنوبها , فإننا نكتشف بذلك الإجابة على السؤال العبقرى الذى طرحه سيّد درويش :
البحر بيضحك ليه .... و أنا نازلة أتدلّع أملأ القلل؟؟!!!
***************
عندما نتحدّث عن منظومة الحكم فى المحروسة , فإننا نتحدّث رغماً عنا عن منظومة حوّلت المحروسة إلى بقرة حلوب تم مطّ ضروعها ليتم حلبها خارج حدود المحروسة فى أوانى مجهّزة لحفظ اللبن بثلاّجات بنوك سويسرا.
****************
إذا كنت تقلق و تضطرب من رؤيا ما بعد الموت , أفليست المحروسة التى تحيا بها مسكونة برؤيا أشد هولاً ؟؟؟!!!
**************
الشعوب بلا حكّام نزيهة تذبل , و الحكّام بلا شعوب تحاسبهم يتبلّدون....و....يتبجّحون.
****************
بإمكان بعض الحكّام فلسفة العطاء , ولكنهم فى واقع الأمر يظلّون عاجزين عنه...أو.... غير مستوعبين لمعناه الحقيقى...أو.... غير راغبين فيه حقاً.
******************
فى مملكة الحيوان تصبح الشرنقة فراشة , أما فى مملكة المحروسة فإن فراشة الشعب تتشرنق
*********************
منذ كنت طفلاً صغيراً و أنا أرى رصيفاً طوله 20 متراً يقع بمحاذاة محطة المترو بميدان الإسماعيلية بمصر الجديدة و هو يتم إزالته ثم إعادة رصفه بعد شهور معدودة ثم إزالته بعد عدة إسابيع ثم إعادة رصفه بعد عدة أشهر ثم إزالته ثم إعادة رصفه و هكذا دواليك.
ثلاثون عاماً من الإزالة و إعادة الرصف و كأنها قد أصبحت سـُنّة واجبة الإتباع بغض النظر عن شخوص من يشغلون المناصب القيادية بمجلس الحى .
و إذا كنت لم أعِ و أنا طفل بريئ سبب ما أشاهده و أنا متعجّب و أتسائل : "همّه مش عارفين يعملوا إيه فى الرصيف ده ليه؟؟!!!" , فإننى و بعد ان أصبحت شاباً مدركاً لحقائق أمور المحروسة قد أصبحت أضحك و أقهقه حتى أستلقى على قفايا من تساؤلاتى الطفولية البريئة التى لم تكن قد أدركت بعد أن هناك ما يسمّى بالــ"سبّوبة" و أن أفضل وسائل ولاة أمورنا لإحياء ثقافة "السبّوبة" يكمن فى أن تكون السبّوبة سبّوبة مستديمة و تتمتع بسمة الإستمراريّة المنتظمة , و الأهم من ذلك أن تتمتّع بصفة الجاهزيّة و أن تكون تحت الطلب بحيث إذا ما إحتار رئيس الحى فى كيفية تدبير ثمن معطف الفراء الذى فلقت زوجته رأسه بمطالبته به فإن الحل الجاهز و السهل لا يتطلّب منه إلاّ تفقد محطة مترو ميدان الإسماعيلية ليرى ما إذا كان الرصيف موجوداً أم مُزالاً حتى يستطيع تحديد نوع القرار الذى سيصدره و يعمّد به المقاول الذى يتعامل معه.
*******************
الفرق بين المــُـصـْلـِح و الحاكم أن الأول منغمس بكامله فى صمت و دون جعجعة فى هموم وطنه الصغيرة و الكبيرة على حد السواء , بينما الثانى يملأ الصحف و شاشات التليفزيون جعجعة و بغبغة عن إنغماسه فى هموم وطنه الصغيرة و الكبيرة.
*********************
لاحظت فى محروستنا أنه ما أن يتولّى أحدهم منصباً حتى يفقد أى فضول بخصوص واجبات منصبه نظراً لإنصرافه إلى البحث و التنقيب عن حقوق ومزايا ذلك المنصب.
***********************
يقلق بعض الحكّام من تواتر أخبار العمليّات الجراحية التى تنجح فى فصل التواءم السياميّة الملتصقة, فما الذى يدريهم أن هذه العمليّات لن تتطوّر حتى تصبح قادرة على فصل مؤخّرة أحدهم الملتصقة بالكرسى إلتصاقاً سيامياً منذ ما يربو على الثلاثة عقود.
************************
أولئك الذين ينتظرون ذكرى السادس من أكتوبر بفارغ الصبر لــ"بَرْوزة" أنفسهم و إقامة حفلات التمجيد و التكريم لأنفسهم مع إضافة بعض البهارات التاريخيّة و الألقاب التى ما أنزل الله بها من سلطان لأنفسهم يذكّروننى بأفعالهم هذه بزوج الفنانة القديرة الذى يحضر حفلة لها بالمقصورة فإذا به ينهض ليحيى الجماهير و هى تصفق بحماسة لزوجته على إبداعها بعد إغلاق الستارة فى نهاية العرض.
**************************
للوصول إلى المرزبـّات الكاملة إضغط هـنـــــا






تليفزيون الببيونات...و شعوب ترتدى الكستور


تبدو الأمور طبيعية داخل الأوتوبيس عندما تسمع أحد موظفى أرشيف وزارة الأوقاف و هو يتحاكى عن روعة وجمال سندوتشات الكبدة والسجق (أم خمسة وسبعين قرش) التى تناولها – من الوضع واقفاً - بالأمس من يدى عم فرغلى الذى يتمترس بعربة الكبدة على ناصيه حارتهم.


و يستمر إحساسك بواقعية المشهد عندما تلقى نظرة على تعبيرات الإنبهار المرتسمة على وجه مدرس الألعاب بمدرسة درب البرابرة الإبتدائيه الذى كان موظف الأرشيف يتحدث معه و هما محشورين مثلك فى ردهات أوتوبيس 124بشرطة المتجه رأساً إلى النيل والمنتمى لفصيله نصر المعمرة من أيام الإتحاد الإشتراكى والمفرج عنه من غياهب الورش الأميرية لحسن سير وسلوك الكمسارى.


وتتأكد أن كل شيئ يسير فى سياقه الطبيعى عندما تسمع جانباً آخراً من الحوار و هو يدور حول محل الملابس "التحفة" الذى إكتشفه مدرس الألعاب بميدان العتبة , والذى يبيع البنطلونات الـ"جَبردين" التى لا يُشق لها غبار و بسعر أرخص "جوز جنيهات" من البائع الجائل "الصعيدى" الذى يفترش الرصيف فى "الموسكى".


ثم.....

يطمئن قلبك إلى أنك لازلت متصلاً بالواقع عندما تسمع أثناء نزولك تلك المرأه المتشحة بالسواد فى الكرسى الأمامى وهى تحتضن شنطة الخضار البلاستيكية أثناء شكواها و تبرّمها من "اللخلخة" المزمنة التى تعانى منها "رِجْل" الكنبة الاسطمبوللى التى تتصدّر "أوضة المسافرين" , بينما زوجها الجالس بجوارها يقسم لها بكل المعظمات و يجزل لها الوعود بأنه سيقدّم لها الحل الحاسم للمشكلة شريطة أن تفعل هى الأخرى مابوسعها لإنقاذ "البلوفر" الذى يرتديه - والمغزول من صوف خرفان العيد التى هاجمتها الحمى القلاعية و "لحقوها" بالسكين قبل أن تنفق , لتستقر فى أجواف البشر فى العيد بدلاً من أن يتم رمى جثثها بمصارف ترعة المحمودية - , فقد فاقت ثقوب ذلك "البلوفر" تلك الثقوب التى تهترئ بها قوانيننا و هى تـُغزَل وتـُصَاغ وتـُفَصّل تحت قبة مجلس شعبنا الموقر ( و بالطبع , فإنك ستجد الإجابة على تساؤلك عن كيفية تمكن كلا الزوجين من العثور على مكان للجلوس عندما تدرك أنهما كانا قد ركبا الأوتوبيس فى الإتجاه المعاكس لآخر الخط أولاً قبل العودة فيه إلى الاتجاه المنشود - للركوب من أول الخط قبل معركة الطلوع والنزول التى تعتبر بانوراما يوميّة مصغّرة لملحمة العبور - ).


ولكن.........

إذا إفترضنا أن ما حدث فى ذلك الأوتوبيس هو أنك كنت قد سمعت موظف الأوقاف و هو يتحاكى عن "لذّة" الفراخ "بالشامبنيون" و "طعامة" الــ"كلوب ساندويتش" , أو أن مسامعك قد إصطدمت بعبارات مديحه و هو يتغزل فى الــ"فلوريدا صن شاين كوكتيل" وروعة الــ"بنانا بوت" الذين طلبهم "هوم ديليفرى" من "بون آبيتيت رستوران" , فإنك حينئذ لابد و أن تبدأ فى الشك بأنك لست فى كامل وعيك , أو أنك تحلم حلم ليلة شتاء عاصفة والهواء البارد يتسلل من شباك غرفة نومك المكسور ليلفح ظهرك العريان وقد أفلت إلى الأسفل بنطلون بيجامتك الكستور الصينى - من "شيكوريل" طبعا- بعد أن رفع "الأستك" المنهك الراية البيضاء. و إذا إفترضنا أن مدرّس الألعاب كان قد رد على صديقه "الأرشيفجى" بإسترساله فى وصف البذله الـ"بيير كاردان" والكرافتة الـ"كريستيان ديور" واصفاً إيّاهما بالـ"لقطة" بعد أن وقع نظره عليهما بالصدفة وهو يقوم بالـ"شوبينج" فى أحد الـ"مولات" الفاخرة , فإنك لا بد و أن تشعر بالرغبة فى فرك عينيك والرجاء من الأخ الواقف بجانبك فى الأوتوبيس أن يتكرّم بمناولتك "جوزين" أقلام على صدغيك حتى يتأكّد لك بما لا يدع مجال للشك أنك لا تغط فى نوم عميق يتخلله الهذيان و الـ"خطرفة".


أما إذا إفترضنا أن ما شاهدته هو أن تلك المرأه فى مقدمة الأوتوبيس كانت تشكو لزوجها من أنها ملّت من "الأوبيسون" المزيّن لصدر "الكوريدور" وتريد تغييره –بالمرّة- مع ستائر الـ"ليفينج روم" , فإنك لا بد و أن تفكّر جدّياً فى عرض نفسك على طبيب أمراض عصبية ونفسية لتنسيق مواعيد جلسات الكهرباء اللازمة لعلاجك من الهلاوس البصرية والسمعية .


فـــــ .... إذا حدث ذلك .... لاتقلق .....

فالخلل حينئذ لن يكون بالتأكيد بك , بل سيكون فى هذه الحالة فى راكبى الأوتوبيس الذين سيبدون كالمتجهين فى رحلة إلى "السرايا الصفراء" للعلاج الجماعى من إنفصام الشخصية .



و فى واقع الأمر فإن إنفصام الشخصية يمكن أن يكون أحد تعريفاته هو أنه المرض النفسى و العصبى الذى يصر التليفزيون المصرى على أن يصيب الشعب المطحون به (رغم أن المفترض هو أن رسالة "ماسبيرو" الأساسية هى مواجهة الواقع ومجابهة مشاكله المريرة و طرح الحلول الواقعية لها).


و من هذا المنطلق , فإننى لا أهضم على أى حال إلتفاف أسره مصرية كادحة أمام التليفزيون فى منزلها بالسبتية أو العمرانية لمشاهدة برامج تليفزيونية إستفزازيه تعرض أدق توافه هوامش حياة طبقات إجتماعية مخملية على عموم الأسر المصرية (بل و تقدّمها على أنها تفاصيل نمط الحياة اليومية الإعتيادية التى يفترض أنها تمثل واقع المشاهد المُعَاش (و هو ما يصيب المشاهد الذى تسحقه طاحونة الحياة بالإكتئاب والإحباط , و هو أيضاً ما يزرع داخله بالتأكيد فدادين الحقد والغيرة و النقمة وتجعله يلعن الزمان ويصب جام غضبه على الأيام).


و لذا , فإنه من الصعب على ذهنى إستيعاب أو تصوّر شعور تلك البنت التى عادت لتوها مع عريسها (المكتوب كتابهم من أيام ضربة سبتمبر) من رحلة بحث مضنية عن غرفة نوم خشب "حُبَيْبِى" – مضروب....و ...بالقسط - , لتكتشف أنها.... "مش حتتجوز فى سنتها السوداء" , فإذا بها تشاهد برنامج تليفزيونى سخيف وهو يعرض عليها تلك الـ"توتى فروتى" وهى تحكى للمشاهدين كيف اختارت فستان فرحها من بين أكثر من ثلاثين موديل , وكيف تعرفت على خطيبها – صدفة - فى شرم الشيخ, و ..... و.... و.....
"ياااااااى....كووووول......إنت كمان بتحب الـ"ويند سيرف" والـ"جيت - سكى" وبتموت فى الـ"بينك فلويد"؟؟!!!!...... إحنا أكيد إتخلقنا لبعض .


كما أنه من المؤلم بالنسبة لى أن أتخيّل شعور تلك الأم المكلومة التى تشققت كعوبها - من الوقفة فى طابور العيش - وانحنى ظهرها وهى منكبة على الـ"طشت" الذى ترقد "عصاية الغليّة" بجواره قبل أن ترفع "حلّة" العدس من فوق وابور الجاز , وهى تشاهد على الشاشة "أم العروسة" ذات الرقبة المرصعة بالمجوهرات فى الفستان السواريه وهى تستجدى دموعها وتعصر فى عينيها لإفتعال دموع التأثر المصطنعة على فراق إبنتها (رغم أن شقه زوجيتها تقع فى الطابق الذى يعلو "البيت الكبير" بنفس العمارة) , بينما يد المصوّر تمتد لها من خلف الكاميرا بمنديل كلينيكس - قال يعنى- قبل أن تنهى هذا المشهد التمثيلى الردئ بتفوير دمك وهى تتباهى بأن إبنتها "الكتكوتة " لاتدخل المطبخ ,وأنها بالكاد تعرف كيف تقلى بيضتين (و بالطبع فلا مانع من أن يتم تصوير الـ"سندريلاّ " وهى تقلى بيضة أو بيضتين فى المطبخ – من باب الإخراج الـ"ستايل" و تحت بند اللقطات الطبيعية و....و.....ياااااااااي.....كوووووول......لقطات روشنة طحن- ) , ولايخلو الأمر من نصائح "قمورتنا الحلوة" للبنات المتابعات أمام الشاشة عن بعض أمور "الإتيكيت" الخطيرة , فهى مفتاح ست البيت الشاطرة التى يجب أن تعرف كيف تسيطر جيداً على السفرجية حتى لاينفلت عيارهم ويتمردوا فيضعوا أطباق "الأورديرف" على شمال الضيف بدلا من يمينه(ياللعار).


أما الأطفال الملتفين أمام الشاشة و هم متربّعين فوق "كليم" كالح باهت , فإنهم إذ يتشبثون بأعواد القصب "المسوّس" فى وصلة المصمصه والمزاج أثناء "الفرجة" على التليفزيون بعد يوم من اللعب الممتع بالعجلات الكاوتشوكية وهم حفاة فى الشارع , فإن عليهم أن يستسلموا لقدرهم المحتوم الذى يفرض عليهم أن يتم بذر عقد النقص الطبقية في داخلهم منذ نعومه أظافرهم , لتترسخ جذور معاداة المجتمع فى أعماقهم وهم يشاهدون أقرانهم فى لقطات من ذلك الفرح و هم يرقصون على المسرح مرتدين البذل السوداء و الـ"ببيونات" قبل أن يأتى أحدهم أمام الكاميرا ليقول :
"أنا بأحب أختى باكينام (العروسه) و أونكل تامر (العريس) قوي قوي و أكثر من المارشميللو والدوناتس .


وعن رب الاسرة المطحون......حدث ولاحرج و لذلك...فإنه يختصر الطريق ويمتنع عن مشاهدة قرينه الذى أقام عُرْساً تفوق تكلفته مرتبه فى قرنين من الزمان بينما يضرب هو أخماساً فى أسداساً لتدبير تكاليف فرح إبنه فوق سطوح بيتهم , فيتعلل الرجل الذى يكاد يموت كمداً بالإرهاق و ينسل تحت اللحاف و هو يتمتم لزوجته قائلا :
" يا وليّة ما أنا راجع قدّامك متأخر والمواصلات كانت "فحت" النهارده....والله يا "تفيدة" لولا العشرين جنيه الإضاف بتوعى الجرد ماكنت إستنيت ثانية واحدة بعد الشغل".


أما ذلك الشاب "العاطل" الباحث عن وظيفة...

ذلك الشاب الذى يعانى من ضبابيّة المستقبل...

ذلك الشاب الذى تتقاذفه أمواج الحياة و لا يرى ضوءاً فى نهاية النفق....

فـــ......لا عزاء له وهو يشاهد "تامر" يتغزل فى "باكينام" التى إكتشف أنها – مثله - لا يمكنها تحمل الحياة بدون أن ترقص الــ"سالسا" كل ليلة بعد لعب الكروكيه والبريدج فى النادى , و لاعزاء له و هو يشاهد "تامر" يحكى أمام الميكروفون عن الشقه الـ"تو ليفيل" والأرضيات الـ"بورسلين" والتعب والشقاء و الويل (ياعينى) الذى واجهه مع مهندس الديكور لإعداد الشقه التى لم يدفع فيها مليماً واحداً بالطبع ( بل تكفل بها "بابى" لأن "المحروس" متخرج من الجامعة الامريكية قبل أسبوعين فقط من زفافه).


و هنا...... نواجه السؤال :

من ياترى المريض المصاب بانفصام الشخصية و داء الشيزوفرينيا؟؟ !!


هل هى.....

الأسرة المصرية ؟؟ !!

أم برامجنا التليفزيونية الاستفزازية ؟؟!!



إذا عرفت الحل...... إتصل على الرقم التالى من أى محمول.....و اربح................صابونة

شكسبير أفندى...المعلّم ماكبث.. و البت ديدمونة


لاجدال من وجهة نظرى على صدق مقولة أن ويليام شكسبير هو المواطن العالمى الأول اذ ترجمت مسرحياته الى أغلب لغات الأرض المكتوبه وتجسّدت شخصياته فوق مسارح دول العالم قاطبة.


وبعيدا عن هذيان الأخ العقيد القذّافى الذى شطح خياله اللولبى الى حد تصريحه"الغريب" فى أحد المناسبات فى منتصف التسعينيّات من القرن الماضى بأنه يشك فى أن شكسبير لم يكن سوى أديب وروائى عربى الأصل اسمه فى الحقيقه"شيخ زبير"ثم قام الغرب بتحوير اسمه الى شكسبير بعد أن قام بالسطو على تراثه الأدبى وترجمته حتّى يسلبنا شرف انتماء مثل هذه العبقريّه الأدبيّه الى حضارتنا العربيّه لتنتسب الى الحضاره الغربيّه زورا وبهتانا (ولا أدرى حتّى يومنا هذا ان كان المصدر الصحفى اللبنانى الذى نشر الخبر قد فبركه أم أن الأخ العقيد شطح وجمح به خياله بالفعل وهو الشيئ الذى لاأستغربه عليه أبدا) , وبعيدا عن أن أعمال شكسبير قد جعلت من يقرأها فى أى بقعة من بقاع الأرض يشعر بها وكأنها ليست بذاك اللون الأدبى الغريب عنه , الاّ أنه لايوجد شعب أفلحت صناعة السينما به فى أن تغرق شكسبير فى محلّيتها كما فعلت السينما المصريّه لتحوّله الى شكسبير أفندى وتحوّل أبطاله الى " المعلّم لير" و "هاملت" بيه والباشمهندس "عطيل" والواد"روميو" والبت"جولييت.



وكانت بداية رحلة شكسبير أفندى فى السينما المصريّه من خلال فيلم"ممنوع الحب" للمخرج محمد كريم والذى عالج رواية"روميو وجولييت" فى اطار كوميدى موسيقى شديد المرح حيث أذعن المخرج لرغبة الجماهير التى تكره النكد وتحب الفرفشه والنهايات السعيده فلم يصرع البطل أو البطله بل أبقى على حياتهما ليعيشا فى التبات والنبات ويخلّفوا الصبيان والبنات , وهو مالم يرق للمخرج كمال سليم فصرع جميع الأبطال فى معالجته لروميو وجولييت من خلال فيلمه"شهداء الغرام".


ثم جاء المخرج عبد العليم خطّاب ليعالج روميو وجولييت من خلال جو مقارب لأجواء "فيرونا" فى القرون الوسطى عندما قام بتصوير فيلمه"العلمين" فى بوادى الصحراء الغربيّه ليبرز علاقة الحب المستحيله بين مديحه سالم و صلاح قابيل والتى انتهت بمصرعهما , وهو أقرب المعالجات السينمائيّه المصريّه لروح النص الشكسبيرى الأصلى حيث جرت الأحداث فى جو تغذّيه العداوات القبليّه والصراعات الأسريّه الطاحنه التى تحطّم قصّة الحب الكبيره.


واذا كان الملك"لير" هو ذلك الملك الانجليزى الذى تنازل عن عرشه أثناء حياته من أجل بنتيه اللتين قام زوجيهما بتأليبهما ضدّه هو شخصيّا فى النهايه , فان المخرج"أحمد ياسين" فى فيلمه "الملاعين" الذى كتبه له "عبد الحى أديب" قد اكتفى باصباغ صفة الملكيّه على بطل الروايه من خلال اسناد الدور الى "الملك" فريد شوقى ولكنّه حوّل الملك "لير" الى "المعلّم لير" حين أظهره فى ثوب المعلّم آدم الاسناوى المقاول , وتحوّل العرش الى الميراث الذى أرادت ابنتيه الحصول عليه وهو لازال حيّا , وان أضاف "أحمد ياسين" شخصية الابن النبيل الذى وقف بجانب والده فى محنته التى رأى فيها الجميع يريد أن ينهشه حيّا رغم أن والده كان يرفض الاعتراف ببنوّته ويعتبره ابنا غير شرعى ( مع ملاحظة أن ذلك لم يمنع المخرج من اغراق الفيلم فى أجواء دمويّه تنتهى بالجميع نهاية مأساويّه تدمى العيون).



ويبدو أن لعبة الملك لير أعجبت الملك فريد شوقى فقام بنفسه بكتابة معالجه أخرى للروايه من خلال فيلم"حكمت المحكمه" الذى أخرجه "أحمد يحيى", ولكن الملك فريد شوقى كان معتزّا بنفسه أثناء معالجته للروايه فقام بــ"تقييف" دوره فى فيلم "الملاعين" ليرقّى نفسه من مقاول الى قاض ثرى على المعاش يعانى من نفس المشكله مع ابنتيه (فى ظل عدم وجود أبناء غير شرعيين هذه المرّه) مع اضافة بعض التعديلات بادخال امرأه شابّه الى حياته وهى ممرّضته التى تزوّجها مما أشعل الصراع بينه وبين ابنتيه وهو ذلك الصراع الذى انتهى بتنازله عن أمواله لهما ليتخلّص من الصداع ويتفرّغ لنهل العسل مع ليلى طاهر.


أمّا عن مسرحيّة عطيل التى ظهرت على الشاشه لأول مرّه على يد عز الدين ذو الفقّار فى فيلم"الشك القاتل" فقد حوّلها المخرج حسن رضا بعد ذلك الى فيلم تحت اسم"المعلّمه" من خلال جو أحد الأحياء الشعبيّه ليتحوّل البطل الى الواد عطيل وتتحوّل ديدمونه الى تحيّه كاريوكا بنت البلد "المجدع" والتى ظهرت فى ثوب لايتمتّع بذلك النقاء المعروف عن تلك المرأه القبرصيّه الجميله التى وقع عطيل فى حبّها, بينما قام عاطف الطيّب بتقديم الروايه من خلال فيلم"الغيره القاتله" ليتحوّل عطيل الى مهندس شاب , واذا كان "ياجو" قد حقد على عطيل المغربى الأسود الذى تزوّج من الحسناء البيضاء ديدمونه والذى كان له صولات وجولات فى ميادين القتال فان دور "ياجو" فى هذا الفيلم كان هو المهندس"مخلص" الذى كان يحقد على البطل لتفوّقه عليه فى عمله وفى التنافس على قلب تلك الحسناء التى تزوّجت "عطيل المصرى" فحاول الانتقام منه بدفعه للشك فى سلوكها, ولكن عاطف "الطيّب" كان رؤوفا بالمشاهد وبديدمونه فجعل عطيل"طيّبا" هو الآخر فلم يقتل ديدمونته فى نهاية الفيلم.


والغريب أن رواية "هاملت" رغم كونها الأشهر الاّ أنها لم تعالج فى السينما المصريّه سوى مرّة واحدة على يد المخرج "حسن حافظ" فى فيلم "يمهل ولا يهمل" والذى حوّل من خلاله الأمير الدنماركى "هاملت" الى الشاب "سامى" من خلال أجواء حى شعبى , والملك الذى غدرت به زوجته الى تاجر ثرى, ومأساة الروايه الأدبيّه الى حدّوته بوليسيّه للوصول الى قاتل أب "هاملت المصرى".


وربّما كانت أكثر تجارب تمصير روايات شكسبير اقناعا هى تلك التى تناولت كوميديا "ترويض النمره" كما فعل ابراهيم عماره فى فيلم"الزوجه السابعه" الذى كانت مارى كوينى هى الشرسة فيه , وفطين عبد الوهاب فى فيلم "آه من حوّاء" الذى تكفّلت فيه لبنى عبد العزيز باظهار كم كبير من الشراسة فيه , ثم ايناس الدغيدى فى فيلم "استاكوزا" الذى جمعت رغده فيه بين الشراسه والــ...والـــ....والـــ(والاّ بلاش , مش ناقصين محاكم وقواضى)... وربما كان السبب فى ذلك مناسبة الروايه لأجواء الكوميديا المصريّه خصوصا فى ظل تقاليد بعض الأسر المصريّه القاضيه بزواج الأخت الكبرى أولا وما ينجم عن ذلك من متاعب للأخت الصغرى خاصة اذا كانت أختها الكبرى دميمه أو مريضه أو شرسه وينفر منها الرجال , وهو ماجعل من السهل معالجة الفيلم من خلال العديد من الأجواء التى تراوحت من دكتور الحمير الذى كسر شوكة بنت الذوات من خلال أحداث الفيلم التى جرت فى أحضان عزبه ريفيّه الى مهندس الديكور الذى تزوّج من الشرسه وسط أجواء سياحيّه على سواحل البحر الأحمر مع ذلك الضباب الجنسى الذى لاتستغنى عنه ايناس الدغيدى حتى ولو أضطرت الى اقحام قصّة العجز الجنسى لأحمد زكى دون مبرّر سوى "فرويديّة" الست المخرجه.



واذا كنا قد شاهدنا حتى الآن فى السينما المصريّه " المعلّم لير" و "هاملت" بيه والباشمهندس "عطيل" والواد"روميو" والبت"جولييت" فدعونى أتسائل متى سنشاهد "الأسطى ماكبث" أو "الحاج جوليانى" فى مدينة الانتاج الاعلامى؟؟؟

تأملات ناشزة / عن "فردانية إبن آدم" أتحدث


رائعة هى أحاسيس و مشاعر الحب بين إثنين من بنى البشر.... لا شك و لا جدال بطبيعة الحال.... إلا أن الأحاسيس التى يخلقها التواصل, و المشاعر التى تولد من رحم الشراكة بين مجاميع من البشر لتربط بينهم بما يعرف بـ"روح الجماعة" تظل هى الأقدر على التأثير فى حياة المجتمعات بعمق أكبر مما يمكن لمشاعر و أحاسيس الحب الفرديّة التقليديّة أن تفعله.



لا شيئ فى هذا العالم يماثل أو يشابه تلك النظرة التى تعكس الأحاسيس و المشاعر المعتملة فى صدر من يراك تتعاطف أو تتواصل أو تتشارك إنسانياً معه دونما رابط يربطكما سوى رابط "الجماعة" و دونما صلة تقربكما من بعضكما البعض سوى صلة المجتمع الذى يجمعكما (اللهم إلا إذا إرتقى و اتسع الرابط فتسامت الصلة لتجعل الإنسان يتواصل و يتعاطف و يتشارك مع الإنسان بالمطلق فى هذا العالم لتصبح الإنسانيّة فى حد ذاتها هى رابط الصلة بين بنى البشر).



.إن من يجعلون الشمس تشرق على أرواح الآخرين -حتى و إن كانوا لا يعرفون شخوصهم- لا يمكن لهم - حتى و إن أرادوا- أن يحجبوا ضوء تلك الشمس عن ذواتهم.



المثير للإنتباه - و كذلك الألم فى آن واحد- هو أنه على الرغم من أنه من المفترض ألا تكون هناك سعادة كسعادة العطاء و المشاركة , و على الرغم من أن منتهى الـ"أنسنة" هو أن يدرك الإنسان أنه و إن كان يفوز و يغنم فى حياته بما يكسبه و يأخذه من الآخرين فإنه يفوز ويغنم بحياته - و بإنسانيّته- بما يتشاركه مع الآخرين و يعطيه لهم ...... بل و الأغرب من ذلك أن الإنسان و قد وقف على قمـّة هرم إنسانيّته و تحضـّره فإنه ينسحب من "المجموع" كلـّما إرتقى بإنسانيّته - أو هكذا ظن ّ- ليلقى بنفسه فى أحضان ذاته و يتقوقع داخلها منصرفاً إلى فرادنيّته حتى أصبحت ذات ابن آدم هى كل عالمه.



تأملات ناشزة / عن "ذواتنا" أتحدث


عندما نسمح للزمن بأن يفسد ذكرانا, و عندما نترك الحياة تدفعنا كى نصطفى من ذاكرتنا الطويلة الأجل مقاطع هامشيّة (هى المغلوطة والمشوّشة والفاسدة) لتعشش على الدوام فى ذاكرتنا القصيرة الأجل الجاهزة دائما للاستحضار فى وقت الأزمات.... فإننا نكون بصدد مشكلة كبيرة مع ذواتنا.


و عندما لا ندرك تأثير تآكل الذكرى المفيدة وهجرها فإن إدراك ذواتنا يصبح مهترئا ومليئا بالثغرات.


و عندما لا نع تشوّه إدراك ذواتنا لحقائق الأمور فإننا لا يمكننا تدارك الأمر و القفز فوق المشكلة ببعض الرقع المزوّقة كتلك الرقع الــ"إيكو-سنترية" التى نستخدمها لإرضاء ذواتنا وإبراء ذممنا وإلقاء اللائمة على غيرنا (حتى ولو كانوا يستحقّون اللوم ).



و عندما نحرّف -لاشعوريّا- قرائتنا للأحداث و أحكامنا على البشر فإن شهادات ذواتنا أمام أنفسنا تفسد... فتسقط.



.إن أكثر ما نحتاج إليه - كبشر- هو أن نجاهد إستبداد أنفسنا بنا و خداع ذواتنا لنا.. أى أننا ببساطة شديدة نحتاج إلى النضال ضد ذواتنا,وهو مالن يتحقّق إلاّ بتحليل ذواتنا وتصحيحها ونقدها باستمرار.


نحن بحاجة بالفعل إلى البحث عن الحقيقة داخلنا باذلين فى سبيل ذلك أكبر جهد ممكن لتحديد الصدق إنطلاقا ممّا يحتمل الصدق مبدئيّا, و إنطلاقا من نقد شهادات أنفسنا حول أوضاعنا ومن شهادات الآخرين عن ذواتنا (دون أن ننسى وجوب إسقاط و إنتقاد كل نقد ينقدنا من أجل أن ينقدنا وليس من أجل أن يعالج إدراكنا الفاسد ويصحّح مسيرتنا - إذ أن النقد المغالى فيه هو الآخر يجب أن يُنتَقَد فى ظل توخّى الحرص على ألاّ يؤدّى نقد النقد المغالى فيه لذواتنا إلى تدنّى الثقة فى نقدنا لأنفسنا وفى التفكّر فى نقد الآخرين لنا بصورة عامّة- ).



إن علينا أن نفعّل نقدنا الذاتى لأنفسنا و نخاصم جلدنا لذواتنا , وعلينا أن نفكّر فى نقد الآخرين لنا قدر تفكّرنا فى غرض الآخرين من نقدنا , و علينا أن نتعلم كيف نرتاب فى أنفسنا ونثق فيها فى الوقت نفسه.



.إن علينا أن نتصالح مع ذواتنا دون أن نقع فى فخ التواطؤ معها ضد أنفسنا , كما أن علينا أيضاً أن ننقد ذواتنا دون أن نخاصمها و دون أن نصمّ آذاننا عنها و نعطيها ظهورنا.



تأملات ناشزة / عن "المجادلة" أتحدث


لا يخامرنى أدنى شك فى أن المجادلة هى أسوأ أشكال النقاش و أعقم صنوف الحوار , و ذلك لأنه فى غمار تلك المجادلة فإن الإنتصار للذات يأخذ المجادل فى دوّامة و يجعله يدور فى دوائر مفرغة يكتشف من يدور فيها بعد فترة أنه قد أصبح يجادل من أجل المجادلة فى حد ذاتها (و رغم إكتشافه لذلك فإنه لا يتمكن - أو فلنقل "لا يرغب"- فى كبح جماح شهوة الجدال لديه بعد أن يتحول الأمر إلى قضية إنتصار و اندحار للـ "أنا" و الذات).



ما يثير الإنتباه حقاً هو ما يخلّفه الإختلاف فى الرأى و تباين الفكر و تعارض المعتقد من تناحر و ما يولّده من مرارة و مشاعر سلبية بين المتجادلين , رغم أنه لو أدرك كل طرف أن الطائرة الورقيّة الزاهية الألوان لا تعلو و لا ترتفع مع إتجاه الريح و لكن فى عكس إتجاه الريح لأدرك أهمية و قيمة الإختلاف.


صحيح أن أى مجتمع متماثل و متجانس الفكر بالكلّية إنما هو مجتمع قليلاً جداً ما يفكّر من ينتمون إليه.... مجتمع راكد .... مترهّل... و مملّ , إلا أنه صحيح أيضاً أن أى مجتمع تتحكّم المجادلة من أجل المجادلة فى أسس الخلاف بالفكر فيه فإنه يصبح مجتمعاً قليلاً جداً ما يسمع من ينتمون إليه - رغم أنهم كثيراً جداً ما يتكلّمون.... أو بالأحرى...... يصرخون-.




إن الوسيلة الوحيدة التى يمكن للإنسان من خلالها أن يستبدل المجادلة بالنقاش فى تواصله مع الآخرين هو أن يحرص دائماً على أن يتجادل مع ذاته بدلاً من أن يخضع لحبروت نرجسيّتها عليه و يركع أمام إستبداد أنويّتها به.


تأملات ناشزة / عن "الموت" أتحدث


كم هو مثير للإهتمام تلك العلاقة بين الموت و الحياة....


بين العدم و الوجود.....


فبوجود الأولى تنتفى الثانية , كما تلغى الثانية الأولى بمجرّد وجودها..... حيث أننا عندما نكون موجودون فإنه لا وجود للموت , و عندما نموت فإنه يصبح لا وجود -فعلىّ- لنا.... فلا عدم مع الوجود و لا وجود مع عدم.



.إن العدم قانون حتمى , و لأن كل شيئ لا بد و أن يكون إلى عدم فإن الموت حتمىّ , ولو أدركنا هذه الحتميّة و جعلناها قابعة فى أعماقنا و مرتبطة بعقولنا إرتباطاً عضوياً لا انفصام له , لأدركنا أن الحياة تستحق أن تعاش رغم ما يبدو من عبثيّتها بسبب التفكير فى حتميّة العدم بها فى كثير من الأحيان .... و لأدركنا أن الخيال أقوى من المعرفة , و أن النظرية أكثر تأثيراً من التاريخ , و أن الأحلام أكثر عنفواناً من الحقائق , و أن الآمال تظل لها اليد العليا فى تحقيق السعادة , و أن الإبتسامة هى علاج الأحزان الناجع , و أن الحب يظل أقوى من الموت بما يجعل بعض من يموتون باقون.



.إن الموت فى حد ذاته هو العنصر الأساسى الذى يعطى للحياة قيمتها , و إذا تخيّلنا حياة بلا موت فإنه لن يكون لتلك الحياة أى قيمة تجعلنا حريصين عليها فى ظل عدم الجزع من أن نفقدها أو نفقد حيوات من نحب.



تأملات ناشزة / عن "الحرب و السلام" أتحدث


لعل أكثر ما يثير السخرية فى مفهوم الحرب هو أن إستخدام القوة كحل "غبى" لأى مشكلة هو ظاهرة يكثر رصدها فى الأطفال الصغار ......و الأمم الكبيرة.


المضحك المبكى هو أن الإنسان يسوّغ الحروب و يحاول تبريرها و شرعنتها (بل و تعظيم قدرها و إجلالها) حتى أنه لا يخجل من الإدّعاء بأن الحروب فى بعض الأحيان هى التى يمكنها صنع السلام .... بل و تجد الإنسان يتمادى ليصوّر لذاته أن تأمين السلم لا يتأتى إلا بالتهديد المستمر بشن الحروب!!!


ثم....

من ذا الذى يمكنه إنكار أن البشريّة تتقدّم و تتطوّر للأمام دائماً؟


أفلا يفتك الإنسان بالإنسان فى كل حرب جديدة بصورة أكثر ضراوة و بأسلحة أمضى و أدوات أكثر تدميراً؟



إن السلام ليس مجرّد حالة من اللاحرب, بل هو حالة من الدعة .... و الإسترخاء... و الصفاء الداخلى ... و التصالح مع الذات ... و العقلانيّة..... و........ الإنسانيّة.



.إن الشاخص للفارق بين أزمان السلام و الحرب إنما هو شاخص للفارق بين أزمان يدفن فيها الأبناء أمهاتهم, و أزمان تدفن فيها الأمهات أبنائهن.